الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) الأحكام التي هي من التوابع للحكم الأصلي للبيع .

                                                                                                                                ( فمنها ) وجوب تسليم المبيع ، والثمن ، والكلام في هذا الحكم في مواضع .

                                                                                                                                أحدها في بيان وجوب تسليم البدلين ، وما هو من توابع تسليمهما ، والثاني : في بيان ، وقت وجوب تسليمهما ، والثالث : في تفسير التسليم ، والقبض ، والرابع : في بيان ما يصير به المشتري قابضا للمبيع من التصرفات ، وما لا يصير ( أما ) الأول فتسليم البدلين ، واجب على العاقدين ; لأن العقد أوجب الملك في البدلين ، ومعلوم أن الملك ما ثبت لعينه ، وإنما ثبت ، وسيلة إلى الانتفاع بالمملوك ، ولا يتهيأ الانتفاع به إلا بالتسليم فكان إيجاب الملك في البدلين شرعا إيجابا لتسليمهما ضرورة ، ولأن معنى البيع لا يحصل إلا بالتسليم والقبض ; لأنه عقد مبادلة ، وهو مبادلة شيء مرغوب بشيء مرغوب ، وحقيقة المبادلة في التسليم والقبض ; لأنها أخذ بدل وإعطاء بدل وإنما قول البيع والشراء ، وهو الإيجاب والقبول جعل دليلا عليهما ، ولهذا كان التعاطي بيعا عندنا على ما ذكرنا ، والله - عز وجل - أعلم .

                                                                                                                                وعلى هذا تخرج أجرة الكيال ، والوزان ، والعداد ، والذراع في بيع المكيل ، والموزون ، والمعدود ، والمذروع مكايلة ، وموازنة ، ومعاددة ، ومذارعة أنها على البائع أما أجرة الكيال ، والوزان فلأنها من مؤنات الكيل ، والوزن ، والكيل والوزن فيما يباع مكايلة وموازنة من تمام التسليم على ما نذكر ، والتسليم على البائع فكانت مؤنة التسليم عليه ، والعدد في المعدود الذي بيع عددا بمنزلة الكيل والوزن في المكيل ، والموزون عند أبي حنيفة فكان من تمام التسليم فكانت على من عليه التسليم ، وعندهما هو من باب تأكيد التسليم فكان من توابعه كالذرع فيما بيع مذارعة ، فكانت مؤنته على من عليه التسليم ، وهو البائع ، وكذا أجرة وزان الثمن على المشتري لما قلنا ( وأما ) أجرة ناقد الثمن فعن محمد فيه روايتان : روى إبراهيم بن رستم عنه أنها على البائع ; لأن حقه في الجيد ، والنقد لتمييز حقه ، فكانت مؤنته عليه ، وروى ابن سماعة عنه أن البائع إن كان لم يقبض الدراهم فعلى المشتري ; لأن عليه تسليم ثمن جيد ، فكانت مؤنة تسليمه عليه ، ولو كان قد قبضها فعلى البائع ; لأنه قبض حقه ظاهرا فإنما يطلب بالنقد إذا أدى فكان الناقد عاملا له ، فكانت أجرة عمله عليه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية