الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن شهد أحدهما أنه وكله ببيع هذا العبد وشهد الآخر أنه وكله بالبيع ، وقال : " لا تبع حتى تستأمرني " فباع الوكيل العبد فهو جائز في القياس ، وقول الآخر " حتى تستأمرني " باطل لأنهما اتفقا على الوكالة بالبيع وانفرد أحدهما بزيادة لفظ ، وهو قوله : " لا تبع حتى تستأمرني " فكان قياس ما لو شهد أحدهما بالعزل ، وقد بينا هناك أنه يثبت ما اتفقا عليه من الوكالة ، ولا يثبت ما انفرد به أحدهما وهو العزل فهذا مثله ، فقد أشار إلى القياس ولم يذكر الاستحسان وقيل : جواب الاستحسان أنه لا يقضي بشيء لأنه في قوله : " لا تبع حتى تستأمرني " يفسد الوكالة ، فإنما شهد أحدهما بوكالة مطلقة والآخر بوكالة مقيدة ، والمقيد غير المطلق فلم يثبت واحد منهما بخلاف العزل ، فإنه رفع للوكالة لا يفسد لها ، ولو قال أحد الشاهدين : " وكل هذا بالبيع " ، وقال الآخر : " وكل هذا وهذا " لم يكن لهما ولا لأحدهما أن يبيع لأن الشاهد بوكالة الثاني واحد ، ولا تثبت وكالته بشهادة الواحد ، والشاهد بثبوت حق التفرد للأول بالبيع واحد ، وهو الذي شهد بوكالته خاصة فإن الآخر شهد بوكالة الاثنين ، وليس لأحد الوكيلين أن ينفرد بالبيع فلهذا لم يكن لأحدهما أن يبيع ، فإن قيل إذا اجتمعا على البيع كان ينبغي أن ينفذ لاتفاق الشاهدين على نفوذه عند مباشرتهما ، ولا اعتبار بمباشرة الثاني ; لأنه ليس بوكيل من جهة صاحب العبد ، فإن الشاهد بوكالته واحد ، وليس بوكيل من جهة الوكيل الأول فسقط اعتبار مباشرته لنفوذ هذا البيع ، وكذلك هذا في قبض الدين ، ولو كان هذا في الوكالة بالخصومة ، كان الذي اجتمعا عليه هو الخصم ; لأنهما اتفقا على ثبوت حق التفرد له في الخصومة ، فإن أحد الوكيلين في الخصومة ينفرد بها ، ولكن إذا قضى له لا يملك القبض ; لأن أحد الوكيلين لا ينفرد بالقبض ، فليس على ثبوت حق التفرد له بالقبض إلا شاهد واحد فلهذا لا يقبضه .

التالي السابق


الخدمات العلمية