الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا دفع إليه جراب هروي ; يبيعه وهو بالكوفة فبأي أسواق الكوفة باعه جاز ، وإن خرج إلى البصرة فباعه هناك - ضمنه استحسانا ، ولم يجز بيعه على الآمر ، وفي القياس يجوز ; لأنه أمره بالبيع مطلقا ، فلا يتقيد بمكان غير تقييد في كلامه ، وأكثر ما فيه أن مقصوده البيع بالكوفة ، والتقييد [ ص: 55 ] بالمقصود لا يحصل ، خصوصا عند أبي حنيفة - رحمه الله - ولكنه استحسن فقال : لو لم تتقيد الوكالة بالكوفة ; كانت مؤنة النقل إلى موضع آخر على الموكل ; لأن الوكيل في النقل ممتثل أمره ، فيرجع عليه بما يلحقه من المؤنة ، فربما تبلغ المؤنة قيمة المتاع أو تزيد ، فيكون في ذلك تفويت مقصود الموكل ، وهذا دليل صالح لتقييد مطلق الوكالة ، فإذا تقيدت بالمصر كان هو بالإخراج مخالفا - فلا ينفذ بيعه ويكون ضامنا ، ولم يذكر في الكتاب ما إذا لم يخرج المتاع مع نفسه ، ولكن باعه بالبصرة ، ومشايخنا - رحمهم الله - يقولون : بيعه يجوز هنا ; لأن التسليم في بيع العين إنما يجب في موضع المبيع ، فلا يلحقه مؤنة النقل ، والأصلح أنه لا يجوز ; لأن التقييد ثبت بالدلالة كما ذكرنا ، فكان كالثابت بالنص ، والوكالة تقبل التقييد بالمكان والزمان ، ولو قال : بعه بالكوفة ففي أي أسواق الكوفة باعه جاز ; لأن مقصوده بهذا التقييد سعر الكوفة ، وفي أي أسواق الكوفة باع ، فإنه إنما باع بسعر الكوفة ، وإن حمله إلى مصر آخر فباعه - لم يجز بيعه ، فكان ضامنا له قياسا واستحسانا لتقييد الأمر بالكوفة نصا .

التالي السابق


الخدمات العلمية