الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو كفل بنفس رجل فإن لم يواف به إلى شهر فالمال الذي عليه - وهو مائة - عليه ثم لقي الطالب به المكفول قبل الأجل فأخذ منه كفيلا آخر بنفسه وبالمال بهذا الشرط أيضا فوافى به أحدهما في الأجل فإن الذي وافى به بريء من المال والنفس ولا يبرأ الآخر ; لأن كل واحد منهما التزم تسليم النفس بعقد على حدة فموافاته به تكون تسليما عن نفسه لا عن غيره فيجب المال على [ ص: 183 ] الآخر ; لوجود شرطه وهو انعدام الموافاة بالنفس منه ، وإن قال الكفيل الذي وافى به قد دفعته عن نفسي وعن فلان فإنه يكون عن نفسه ولا يكون عن فلان ; لأن التسليم الواحد لا يكون عن جهتين ; ولأنه متبرع في التسليم عن فلان ; لأن ذلك الالتزام غير متعلق به أصلا فهو في ذلك كأجنبي آخر فلا يصح تسليمه عن فلان إلا أن يقبله الطالب فإذا قبله على ذلك ; برئا جميعا ، ويصير كأنه سلم مرة عن نفسه ومرة عن فلان فإن الاستدامة على ما يستدام بمنزلة الإنشاء ، وعلى هذا لو جاء رجل ليس بكفيل فقال : قد دفعته إليك عن فلان لم يبرأ واحد منهما إلا أن يقبله الطالب عنهما ولو قال المكفول به : قد دفعت نفسي إليك عن فلان وفلان ; برئا جميعا من الكفالتين ولا يشترط قبول الطالب هنا ; لأن الطالب مطالب من جهة كل واحد من الكفيلين بتسليم النفس إليه لتسليمه إلى الطالب فلا يكون هو متبرعا في هذا التسليم فلا يشترط فيه قبول الطالب بخلاف الأجنبي .

وتوضيح هذا الكلام لو كان المكفول به قاعدا مع الطالب يحدثه فقال رجل للطالب : قد دفعت إليك هذا عن فلان فسكت الطالب أو قال : لا ، لم يبرأ الكفيل ، وإن قال الطالب : نعم قد قبلت فالكفيل بريء ; لأن المسلم ليس بخصم عنه فكان متبرعا فلا تقع البراءة للكفيل إلا بقبول الطالب ، ولو كان المتكلم بذلك وكيل الكفيل برئ الكفيل ; لأن وكيله قائم مقامه فصار تسليم النفس كتسليم المال في حكم البراءة .

التالي السابق


الخدمات العلمية