الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. والوكيل بالشراء له قبض السلعة ، وحقيقة الفرق أن كل عقد يجوز أن ينتقل موجبه من شخص إلى شخص فالوكيل فيه كالعاقد لنفسه ، وكل عقد لا يجوز أن ينتقل موجبه من شخص إلى شخص فالوكيل فيه يكون مغايرا ، فموجب النكاح ملك البضع ، وهو لا يحتمل النقل ، وموجب الشراء ملك الرقبة وهو يحتمل النقل ، فيجعل كأن الوكيل يملكه بالشراء ، ثم ملكه من الموكل هذا على طريقة الكرخي - رحمه الله - حيث يقول : الملك أولا فأما على طريقة أبي طاهر الدباس - رحمه الله - الملك يقع للموكل ولكن يعقده الوكيل على سبيل الخلافة عنه ، وملك النكاح لا يحتمل مثل هذه الخلافة ، فأما ملك المال فيحتمل ألا ترى أن بعقد العبد الملك ، يقع لمولاه ، وبعقد المورث يقع لوارثه بعد موته ; فلهذا كان الوكيل فيه بمنزلة العاقد لنفسه فيما هو من حقوق العقد وإذا رد عليه بالعيب بغير قضاء قاض بعيب يحدث مثله أو لا يحدث لزمه دون الآمر ، وقد بينا اختلاف الروايات في هذا في الإقرار .

أما وكيل الإجارة فله أن يقبل بدون القاضي ، وإذا قبله لم يلزمه ، ومن أصحابنا - رحمهم الله - من قال لا فرق بينهما ; لأن المعقود عليه في الإجارة لا يصير مقبوضا بقبض الدار ; ولهذا لو تلف بانهدام الدار كان في ضمان الأجير ، فيكون هذا من البيع بمنزلة ما لو قبله الوكيل بالعيب بغير قضاء القاضي قبل القبض ، وهناك يلزم الآمر ، فكذلك في الإجارة ، فأما في الكتاب فعلل للفرق بين الفصلين ، وقال : لأن فسخ الإجارة ليس بإجارة ، ومعنى هذا أن القول بالعيب بغير قضاء القاضي في البيع ، يجعل بمنزلة عقد مبتدإ في حق غير المتعاقدين ، والموكل غيرهما ، فصار في حقه كأن الوكيل اشتراه ابتداء فيلزمه دون [ ص: 35 ] الآمر ، وفي الإجارة لا يجعل هكذا ، لأن على أحد الطرفين الإجارة في معنى عقود متفرقة يتجدد انعقادها بحسب ما يحدث من المنفعة ، فبعد الرد بالعيب يمتنع الانعقاد ، لا أن يجعل ذلك عقدا مبتدأ بين المستأجر والوكيل ، وعلى الطريقة الأخرى العقد منعقد باعتبار إقامة المعقود عليه وهو المنفعة ، وهذا حكم ثبت للضرورة ، ولا ضرورة إلى أن يجعل الرد بالعيب عقدا مبتدأ ليقام رقبة الدار فيه مقام المنفعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية