الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فإن كان الطالب ذميا فشهد مسلمان أنه وكل هذا المسلم بقبض دينه على هذا ، والمطلوب مقر وشهد الذميان أنه عزله عن الوكالة ووكل هذا الآخر لم يجز على الوكيل الأول ; لأن حق القبض ثابت له بظهور وكالته وهو مسلم ، فشهادة الذميين عليه بإبطال حقه لا تكون مقبولة ، ولو كان الوكيل الأول ذميا جازت عليه ; لأن شهادة أهل الذمة في إبطال حقه حجة عليه . وإذا شهد ابنا الوكيل أن الطالب أخرج أباهما عن الوكالة ووكل هذا الآخر بقبض المال فهو جائز ; لأنهما يشهدان على أبيهما في إبطال حق القبض الثابت له ، ويشهدان للآخر بثبوت حق القبض له ، وليس بينه وبينهما سبب التهمة ، ولو كان الشاهدان أميني الوكيل لم تجز شهادتهما على الوكالة لأبيهما ; لأنهما يشهدان بثبوت حق القبض له ، ويجوز على إخراج الأول ; لأنهما يشهدان عليه بالعزل وبطلان حقه في القبض ، وإذا شهد أنه جعله وكيلا في الخصومة في الدين الذي على فلان ، وشهد الآخر أنه وكله بقبضه قبلت شهادتهما في قول أبي حنيفة - رحمه الله - في الخصومة والقبض جميعا .

وعند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - تقبل في القبض إذا أقر المطلوب بالدين ، ولا تقبل في الخصومة إذا جحد المطلوب الدين ، وفي قول زفر - رحمه الله - " لا تقبل في واحد منهما " وهذا بناء على ما سبق أن الوكيل [ ص: 23 ] بالخصومة يملك القبض عندنا ، والوكيل بالقبض يملك الخصومة عند أبي حنيفة - رحمه الله - فقد اتفق الشاهدان على الحكمين معنى ، وإنما اختلفا في العبارة ، وذلك لا يمنع قبول الشهادة كما لو شهد أحدهما بالتخلي والآخر بالهبة .

وعندهما الوكيل بالقبض لا يملك الخصومة ، فقد اتفق الشاهدان على ثبوت حق القبض له فأما الشاهد بحق الخصومة لأحدهما فيثبت فيما اتفقا عليه دون ما ينفرد به أحدهما ، وعند زفر - رحمه الله - الوكيل بالخصومة لا يملك القبض ، والوكيل بالقبض لا يملك الخصومة ، والشاهد أثبت أحد الأمرين ، ولا تتم الحجة بشهادة الواحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية