الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ولو وكله أن يرتهن ثوبا له بدراهم قرضا فذهب الوكيل فقال إن فلانا يقول لك اقبض هذا الثوب رهنا وأعطه كذا وكذا درهما فزاد على ما سمى له أو نقص ففعل ذلك المقرض لم يكن الثوب رهنا في الوجهين لأن الوكيل خالف أمره على وجه هو أضر على الموكل لأنه إن نقص عما سمى له فمقصود الموكل لم يحصل ولم يرض هو أن يكون ثوبه مضمونا بأقل مما سمى له وإن زاد على ما سمى له فالموكل لم يرض بأن يكون ثوبه محبوسا عنده بأكثر مما سمى فعرفنا أنه مخالف في الوجهين قال فإن جاء الوكيل إلى الموكل بدراهم مثل ما سمى له فأعطاها إياه فهو دين له عليه لأنه لما خالف صار مستقرضا لنفسه وإن أضاف العقد إلى غيره ثم أعطاه الموكل على سبيل القرض فيكون ذلك دينا للوكيل على الموكل ولا يكون الثوب رهنا بها وإنما يصير رهنا عند الوكيل والموكل لم يرض بذلك والوكيل في أصل العقد كان مخالفا فلهذا لم يكن الثوب رهنا وللمرتهن أن يرجع على الوكيل بما قبض منه والوكيل ضامن له لما بينا أنه صار كالمستقرض لنفسه أو كالقابض لما له بغير حق فإن كان المرتهن صدقه في الرسالة فالوكيل مؤتمن إن هلكت الدراهم في يده لم يضمن للمرتهن شيئا لأنهما تصادقا على أنه غير مخالف بل هو مؤد للرسالة على وجهها أمين في المقبوض وإن قال دفعتها إلى رب الثوب فالقول قوله في براءة نفسه عن الضمان ولا يصدق في إيجاب الضمان على رب الثوب لأنهما لا يصدقان في حق رب الثوب بزعم أن الرسول خالف ما أمره به وإن لم يدفع إليه شيئا فلهذا لا ضمان عليه وإن قال الوكيل إنما أمرتني أن أرهنه بخمسة عشر وقال رب الثوب أمرتك بعشرة أو بعشرين ففي الوجهين القول قول رب الثوب لأنه لو أنكر الإرسال كان القول قوله فكذلك إذا أقر به مقيدا بصفة فالقول قوله مع يمينه فإذا حلف كان هذا والفصل الأول سواء

التالي السابق


الخدمات العلمية