الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والتثاؤب ) ولو خارجها ذكره مسكين لأنه من الشيطان والأنبياء محفوظون منه

[ ص: 645 ]

التالي السابق


[ ص: 645 ] قوله والتثاؤب ) في المصباح : التثاؤب بالمد وبالواو عامي . وفي مختار الصحاح : تثاءبت بالمد ولا تقل تثاوبت ، وهو كما في الحلية والبحر : التنفس الذي ينفتح منه الفم لدفع البخارات المنفخة في عضلات الفك ، وهو ينشأ من امتلاء المعدة وثقل البدن . ا هـ .

قلت : ولهذا السبب كان من الشيطان كما في حديث الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال { التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع } " وفي رواية لمسلم " { فليمسك بيده على فيه ، فإن الشيطان يدخله } وألحق باليد الكم ، وهذا إذا لم يمكنه كظمه : أي رده وحبسه ، فقد صرح في الخلاصة بأنه إن أمكنه عند التثاؤب أن يأخذ شفته بسنه فلم يفعل وغطى فاه بيده أو بثوبه يكره ، وكذا روي عن أبي حنيفة . قال في البحر : ووجهه أن تغطية الفم منهي عنها كما رواه أبو داود وغيره ، وإنما أبيحت للضرورة ، ولا ضرورة إذا أمكنه الدفع ، ثم في المجتبى : يغطي فاه بيمينه ، وقيل بيمينه في القيام وفي غيره بيساره ا هـ .

قلت : ووجه القيل أظهر لأنه لدفع الشيطان كما مر ، فهو كإزالة الخبث وهي باليسار أولى ، لكن في حالة القيام لما كان يلزم من دفعه باليسار كثرة العمل بتحريك اليدين كانت اليمنى أولى وقدمنا في آداب الصلاة عن الضياء أنه بظهر اليسرى . وفي الحلية عن بعضهم أنه مخير بينهما وأنه إن سد باليمنى يخير فيه بظاهرها أو باطنها ، وإن باليسرى فبظاهرها . ا هـ . ولم أر من تعرض للكراهة هنا هل هي تحريمية أو تنزيهية إلا أنه تقدم في آداب الصلاة أنه يندب كظم فمه عند التثاؤب ، وحينئذ فترك الكظم مندوب .

وأما التثاؤب نفسه فإن نشأ من طبيعته بلا صنعه فلا بأس ، وإن تعمده ينبغي أن يكره تحريما لأنه عبث وقد مر أن العبث مكروه تحريما في الصلاة تنزيها خارجها ( قوله ولو خارجها ) أي لإطلاق الحديث المار ، وتقييده في بعض الروايات بالصلاة لكون الكراهة فيها أشد فلا تنافي بينهما تأمل ( قوله والأنبياء محفوظون منه ) قدمنا في آداب الصلاة أن إخطار ذلك بباله مجرب في دفع التثاؤب




الخدمات العلمية