الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 183 ] ( ويجوز ) رفع الحدث ( بما ذكر وإن مات فيه ) أي الماء ولو قليلا ( غير دموي [ ص: 184 ] كزنبور ) وعقرب وبق : أي بعوض ، وقيل : بق الخشب . وفي المجتبى : الأصح في علق مص الدم أنه يفسد ومنه يعلم حكم بق ، وقراد وعلق . وفي الوهبانية دود القز وماؤه وبزره وخرؤه طاهر كدودة متولدة من نجاسة ( ومائي مولد ) [ ص: 185 ] ولو كلب الماء وخنزيره ( كسمك وسرطان ) وضفدع إلا بريا له دم سائل ، وهو ما لا سترة له بين أصابعه ، فيفسد في الأصح كحية برية ، إن لها دم وإلا لا ( وكذا ) الحكم ( لو مات ) ما ذكر ( خارجه وبقي فيه ) في الأصح ، فلو تفتت فيه نحو ضفدع جاز الوضوء به لا شربه لحرمة لحمه .

التالي السابق


( قوله : ويجوز ) أي يصح وإن لم يحل في نحو الماء المغصوب وهو أولى هنا من إرادة الحل وإن كان الغالب إرادة الأول في العقود والثاني في الأفعال فافهم .

( قوله : بما ذكر ) أي من أقسام الماء المطلق . ( قوله : غير دموي ) المراد ما لا دم له سائل ، لما في القهستاني أن المعتبر عدم السيلان لا عدم أصله ، حتى لو وجد حيوان له دم جامد لا ينجس . ا هـ . أقول : وكذا دم القملة والبرغوث فإنه غير سائل ، وخرج الدموي سواء كان دمه من [ ص: 184 ] نفسه أو مكتسبا بالمص كالعلق فإنه يفسد الماء كما يأتي ، والمراد الدموي غير المائي بدليل ذكره المائي بعده .

( قوله : كزنبور ) بضم الزاي ، وهو أنواع ، منها النحل نهر .

( قوله : أي بعوض ) في البحر وغيره أنه كبار البعوض ; لكن في القاموس : البقة البعوضة ، ودويبة مفرطحة : أي عريضة حمراء منتنة . والظاهر أن الثاني هو المراد بقوله وقيل بق الخشب ، ويؤيده عبارة الحلية ; وقد يسمى به الفسفس في بعض الجهات : وهو حيوان كالقراد شديد النتن . وعبارة السراج : وقيل الكتان . وفي القاموس : الكتان دويبة حمراء لساعة ا هـ . والظاهر أنه الفسفس .

( قوله : ومنه يعلم إلخ ) أصل عبارة المجتبى ومنه يعلم حكم القراد والحلم ا هـ أي يعلم أن الأصح أنه مفسد . وقال في النهر : والترجيح في العلق ترجيح في البق إذ الدم فيها مستعار ا هـ أي مكتسب ، فأدرج الشارح البق في عبارة المجتبى مع أنه بحث لصاحب النهر ، وفيه نظر للفرق الظاهر بين البق والعلق ; لأن دم العلق وإن كان مستعارا لكنه سائل ولذا ينقض الوضوء ، بخلاف دم البق فإنه لا ينقض كالذباب لعدم الدم المسفوح كما مر في محله ، وقد علمت أن الدموي المفسد ما له دم سائل ، وعلى هذا ينبغي تقييد العلق والقراد هنا بالكبير إذ الصغير لا ينقض الوضوء كما مر ، فينبغي أن لا يفسد الماء أيضا لعدم السيلان .

( قوله : وعلق ) كذا في أكثر النسخ وفي بعضها وحلم ، وهي الصواب الموافقة لعبارة المجتبى : وهو جمع حلمة بالتحريك . وفي النهر عن المحيط : الحلمة ثلاثة أنواع : قراد وحنانة وحلم ، فالقراد أصغر والحنانة أوسطها ، والحلمة أكبرها ولها دم سائل . ا هـ . وذكر في القاموس أنها تطلق على الصغير وعلى الكبير من الأضداد ، وعلى دودة تقع في جلد الشاة ، فإذا دبغ وهى موضعها .

( قوله : دود القز ) أي الذي يتولد منه الحرير .

( قوله : وماؤه ) يحتمل أن يكون المراد به ما يوجد فيما يهلك منه قبل إدراكه ، وهو شبيه باللبن ، أو الذي يغلى فيه عند حله حريرا . وعندي أن المراد الأول لما في الصيرفية : لو وطئ دود القز فأصاب ثوبه أكثر من قدر الدرهم تجوز صلاته معه ا هـ من شرح ابن الشحنة .

( قوله : وبزره ) أي بيضه الذي فيه الدود .

( قوله : وخرؤه ) لم يجزم بطهارته في الوهبانية ، بل قال : وفي خرء دود القز خلاف ، ومثله في شرحها .

( قوله : كدودة إلخ ) فإنها طاهرة ولو خرجت من الدبر ، والنقض إنما هو لما عليها لا لذاتها ط وقدمنا قولا بنجاستها ، وعلى الأول فإذا وقعت في الماء لا ينجس لكن لو بعد غسلها كما قيد في البزازية فما في القنية من أنه ينجس محمول على ما قبل الغسل .

( قوله : ومائي مولد ) عطف على قوله غير دموي : أي ما يكون توالده ومثواه في الماء سواء كانت له نفس سائلة أو لا في ظاهر الرواية بحر عن السراج : أي لأن ذلك ليس بدم حقيقة وعرف في الخلاصة المائي بما لو استخرج من الماء يموت من ساعته ، وإن كان يعيش فهو مائي وبري فجعل بين المائي والبري قسما آخر وهو ما يكون مائيا وبريا ، لكن لم يذكر له حكما على حدة . والصحيح أنه ملحق بالمائي لعدم الدموية شرح المنية . أقول : والمراد بهذا القسم الآخر ما يكون توالده في الماء ولا يموت من ساعته لو أخرج منه كالسرطان [ ص: 185 ] والضفدع ، بخلاف ما يتوالد في البر ويعيش في الماء كالبط والإوز كما يأتي .

( قوله : ولو كلب الماء وخنزيره ) أي بالإجماع خلاصة ، وكأنه لم يعتبر القول الضعيف المحكي في المعراج أفاده في البحر .

( قوله : كسمك ) أي بسائر أنواعه ولو طافيا خلافا للطحاوي كما في النهر .

( قوله : وسرطان ) بالتحريك ، ومنافعه كثيرة بسطها في القاموس .

( قوله : وضفدع ) كزبرج وجعفر وجندب ودرهم وهذا أقل أو مردود قاموس .

( قوله : فيفسد في الأصح ) وعليه فما جزم به في الهداية من عدم الإفساد بالضفدع البري وصححه في السراج محمول على ما لا دم له سائل كما في البحر والنهر عن الحلية .

( قوله : كحية برية ) أما المائية فلا تفسد مطلقا كما علم مما مر وكالحية البرية الوزغة لو كبيرة لها دم سائل منية .

( قوله : وإلا لا ) أي وإن لم يكن للضفدع البرية والحية البرية دم سائل فلا يفسد .

( قوله : ما ذكر ) أي من مائي المولد وغير الدموي ط .

( قوله : لحرمة لحمه ) لأنه قد صارت أجزاؤه في الماء فيكره الشرب تحريما كما في البحر .




الخدمات العلمية