الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
. ( لا ) يكون نجسا ( رماد قذر ) وإلا لزم نجاسة الخبز في سائر الأمصار ( و ) لا ( ملح كان حمارا ) أو خنزيرا ولا قذر وقع في بئر فصار [ ص: 327 ] حمأة لانقلاب العين به يفتى

التالي السابق


( قوله : قذر ) بفتح القاف والذال المعجمة ، والمراد به العذرة والروث كما عبر في المنية . ( قوله : وإلا ) أي : وإن لا نقل أنه لا يكون نجسا ، وظاهره أن العلة الضرورة ، وصريح الدرر وغيرها أن العلة هي انقلاب العين كما يأتي ، لكن قدمنا عن المجتبى أن العلة هذه وأن الفتوى على هذا القول للبلوى ، فمفاده أن عموم البلوى علة اختيار القول بالطهارة المعللة بانقلاب العين فتدبر . ( قوله : كان حمارا أو خنزيرا ) أفاد أن الحمار مثال لا قيد احترازي .

وأشار [ ص: 327 ] بإطلاقه إلى أنه لا يلزم وقوعه وهو حي ، فإنه لو وقع في المملحة بعد موته فهو كذلك كما في شرح المنية . ( قوله : حمأة ) بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وفتح الهمزة وبهاء التأنيث . قال في القاموس : الطين الأسود المنتن ح . ( قوله : لانقلاب العين ) علة للكل ، وهذا قول محمد ، وذكر معه في الذخيرة والمحيط أبا حنيفة حلية . قال في الفتح : وكثير من المشايخ اختاروه ، وهو المختار ; لأن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها فكيف بالكل ؟ فإن الملح غير العظم واللحم ، فإذا صار ملحا ترتب حكم الملح . ونظيره في الشرع النطفة نجسة وتصير علقة وهي نجسة وتصير مضغة فتطهر ، والعصير طاهر فيصير خمرا فينجس ويصير خلا فيطهر ، فعرفنا أن استحالة العين تستتبع زوال الوصف المرتب عليها . ا هـ .

[ تنبيه ]

يجوز أكل ذلك الملح والصلاة على ذلك الرماد كما في المنية وغيرها ، وما فيها من أنه لو وقع ذلك الرماد في الماء فالصحيح أنه ينجس فليس بصحيح إلا على قول أبي يوسف كما ذكره الشارحان . [ تنبيه آخر ]

مقتضى ما مر ثبوت انقلاب الشيء عن حقيقته كالنحاس إلى الذهب ، وقيل : إنه غير ثابت ; لأن قلب الحقائق محال والقدرة لا تتعلق بالمحال ، والحق الأول بمعنى أنه تعالى يخلق بدل النحاس ذهبا على ما هو رأي المحققين ، أو بأن يسلب عن أجزاء النحاس الوصف الذي به صار نحاسا ، ويخلق فيه الوصف الذي يصير به ذهبا على ما هو رأي بعض المتكلمين من تجانس الجواهر واستوائها في قبول الصفات ، والمحال إنما هو انقلابه ذهبا مع كونه نحاسا لامتناع كون الشيء في الزمن الواحد نحاسا وذهبا ، ويدل على ثبوته بأحد هذين الاعتبارين كما اتفق عليه أئمة التفسير قوله تعالى { فإذا هي حية تسعى } وإلا لبطل الإعجاز . ويبتني على هذا القول أن علم الكيمياء الموصل إلى ذلك القلب يجوز لمن علمه علما يقينيا أن يعلمه ويعمل به . أما على القول الثاني فلا ; لأنه غش ، وتمامه في تحفة ابن حجر وقدمنا في صدر الكتاب زيادة على ذلك




الخدمات العلمية