الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والمستحب ) للرجل ( الابتداء ) في الفجر ( بإسفار والختم به ) هو المختار بحيث يرتل أربعين آية ثم يعيده بطهارة لو فسد . وقيل يؤخر حدا ; لأن الفساد موهوم ( إلا لحاج بمزدلفة ) فالتغليس أفضل كمرأة مطلقا . وفي غير الفجر الأفضل لها انتظار فراغ الجماعة ( وتأخير ظهر الصيف ) بحيث يمشي في الظل ( مطلقا ) كذا في المجمع وغيره : أي بلا اشتراط [ ص: 367 ] شدة حر وحرارة بلد وقصد جماعة ، وما في الجوهرة وغيرها من اشتراط ذلك منظور فيه ( وجمعة كظهر أصلا واستحبابا ) في الزمانين ; لأنها خلفه

التالي السابق


( قوله : للرجل ) يأتي محترزه . ( قوله في الفجر ) أي صلاة الفرض . وفي صلاة السنة قولان كما يأتي للشارح ط .

( قوله : بإسفاره ) أي في وقت ظهور النور وانكشاف الظلمة ، سمي به لأنه يسفر : أي يكشف عن الأشياء خلافا للأئمة الثلاثة ، لقوله عليه الصلاة والسلام " { أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر } " رواه الترمذي وحسنه . وروى الطحاوي بإسناد صحيح " ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء ما اجتمعوا على التنوير بالفجر " وتمامه في شرح المنية وغيرها .

( قوله : أربعين آية ) أي إلى ستين .

( قوله : ثم يعيده بطهارة ) أي يعيد الفجر : أي صلاته مع ترتيل القراءة المذكورة ويعيد الطهارة لو فسد بفسادها أو ظهر فساده بعدمها ناسيا .

والحاصل أن الإسفار أن يمكنه إعادة الطهارة ولو من حدث أكبر كما في النهر والقهستاني وإعادة الصلاة على الحالة الأولى قبل الشمس .

( قوله : وقيل يؤخر جدا ) قال في البحر : وهو ظاهر إطلاق الكتاب أي الكنز ، لكن لا يؤخرها بحيث يقع الشك في طلوع الشمس ا هـ لكن في القهستاني الأصح الأول ح .

( قوله : مطلقا ) أي ولو في غير مزدلفة لبناء حالهن على الستر وهو في الظلام أتم .

( قوله : وتأخير ظهر الصيف ) سيذكر أنه يلحق به الخريف ، وسنذكر ما يخالفه .

( قوله : بحيث يمشي في الظل ) عبارة البحر والنهر وغيرهما : وحده أن يصلي قبل المثل وهي أولى لما أن مثل حيطان مصر يحدث الظل فيها سريعا لعلوها ح . وقد يقال : إن اعتبار المشي في الظل بيان لأول ذلك الوقت المستحب ، وما في البحر وغيره بيان لمنتهاه وفي ط عن الحموي عن الخزانة : الوقت المكروه في الظهر أن يدخل في حد الاختلاف ، وإذا أخره حتى صار ظل كل شيء مثله فقد دخل في حد الاختلاف .

( قوله : أي بلا اشتراط إلخ ) تفسير للإطلاق . وعبارة ابن ملك في شرح المجمع : أي سواء كان يصلي الظهر وحده [ ص: 367 ] أو بجماعة ا هـ أي لرواية البخاري " { كان صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة } " والمراد الظهر ، وقوله صلى الله عليه وسلم " { إن شدة الحر من فيح جهنم ، فإذا اشتد فأبردوا بالصلاة } " متفق عليه ، وليس فيه تفصيل ، وتمامه في الزيلعي وغيره .

( قوله : وما في الجوهرة وغيرها ) كالسراج حيث قال فيهما وإنما يستحب الإبراد بثلاثة شرائط : أن يصلي بجماعة في مسجد جماعة ، وأن يكون في البلاد الحارة ، وأن يكون في شدة الحر . وقال الشافعي : إن صلى في بيته قدمها ، وإن في المسجد بجماعة أخرها . ا هـ .

( قوله : منظور فيه ) تبع في التنظير فيه صاحب البحر اعتمادا على الإطلاق . وأورد المحشي عليه : ما لو كان في موضع تقام الجماعة فيه في أول الوقت فقط ، فإنه لو قلنا يستحب له التأخير يلزم ترك الجماعة التي يعاقب على تركها على المشهور لأجل المستحب والقواعد تأباه ، ويدل له كراهتهم تأخير العشاء إلى ما زاد على النصف ، وعللوه بتقليل الجماعة ، ففي مسألتنا ينبغي أن يكون التأخير حراما حيث تحقق فوت الجماعة . ا هـ . ونقل بعضهم مثله عن شرح نظم الكنز للشيخ موسى الطرابلسي وقال على أنه صرح صاحب البحر فيما تقدم أنه لو شرع في الصلاة مع نجاسة قدر الدرهم وخشي فوت الجماعة يمضي على صلاته ا هـ أي مع أن إزالتها مسنونة أو واجبة ولم تترك الجماعة لأجلها . أقول : قد يجاب بأن قول البحر لا فرق بين أن يصلي بجماعة أو لا ، معناه أنه يندب له التأخير سواء أراد أن يصلي بجماعة أو منفردا بأن كان لا تتيسر له الجماعة ، وليس فيه ما يقتضي أنه يؤخر وإن لزم فوت الجماعة كما لا يخفى ، فالتنظير في كلام الجوهرة والسراج في محله ; لأن ما ذكراه من الشروط الثلاثة هي مذهب الشافعية ، صرحوا بها في كتبهم ، نعم ذكر شراح الهداية وغيرهم في باب التيمم أن أداء الصلاة في أول الوقت أفضل إلا إذا تضمن التأخير فضيلة لا تحصل بدونه كتكثير الجماعة ; ولهذا كان أولى للنساء أن يصلين في أول الوقت ; لأنهن لا يخرجن إلى الجماعة كذا في مبسوطي شمس الأئمة وفخر الإسلام . ا هـ . والمتبادر منه أنه إذا لم يقصد الصلاة بالجماعة لا يستحب له التأخير هنا ، إذ ليس فيه فضيلة ، لكن اعترضهم هناك صاحب غاية البيان بأن أئمتنا صرحوا باستحباب تأخير بعض الصلوات بلا اشتراط جماعة وأن ما ذكروه في التيمم مفهوم والصريح مقدم عليه وقدمنا الكلام عليه ثم فراجعه .

( قوله : أصلا ) أي من جهة أصل وقت الجواز ، وما وقع في آخره من الخلاف .

( قوله : واستحبابا في الزمانين ) أي الشتاء والصيف ح ، لكن جزم في الأشباه من فن الأحكام أنه لا يسن لها الإبراد . وفي جامع الفتاوى لقارئ الهداية : قيل إنه مشروع ; لأنها تؤدى في وقت الظهر وتقوم مقامه ، وقال الجمهور : ليس بمشروع ; لأنها تقام بجمع عظيم ، فتأخيرها مفض إلى الحرج ولا كذلك الظهر وموافقة الخلف لأصله من كل وجه ليس بشرط . ا هـ .

( قوله : لأنها خلفه ) علمت جوابه . على أن القول الثاني وهو المشهور أنها فرض مستقل آكد من الظهر




الخدمات العلمية