الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله في نبوة أرميا : قبل أن أخلقك قد عظمتك من قبل أن أصورك في البطن ، وأرسلتك وجعلتك نبيا للأجناس كلهم . فهذه بشارة على لسان أرميا لمن بعده ، وهو إما المسيح وإما محمد صلوات الله وسلامه عليهما ، لا تعدوهما إلى غيرهما ، ومحمد أولى بها لأن المسيح إنما كان نبيا لبني إسرائيل ، كما قال الله تعالى : ورسولا إلى بني إسرائيل .

والنصارى تقر بذلك ، ولم يدع المسيح أنه رسول إلى سائر الأجناس من أهل الأرض ، فإن الأنبياء من عهد موسى إلى المسيح إنما كانوا يبعثون إلى قومهم ، بل عندهم في الإنجيل أن المسيح قال للحواريين : لا تسلكوا إلى سبيل الأجناس ، ولكن اختصروا على الغنم الرابضة من نسل إسرائيل .

وأما محمد بن عبد الله فهو الذي بعثه الله إلى سائر أجناس الأرض وطوائف بني آدم .

وهذه البشارة مطابقة لقوله تعالى : ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا .

ولقوله صلى الله عليه وسلم : بعثت إلى الأسود والأحمر .

[ ص: 382 ] وقوله : وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة .

وقد اعترفت النصارى بهذه البشارة ولم ينكروها ، لكن قال بعض زعمائهم إنها بشارة موسى بن عمران ، وإلياس ، واليسع ، وأنهم سيأتون في آخر الزمان ، وهذا من أعظم البهت والجرأة على الله تعالى والافتراء عليه : فإنه لا يأتي من قد مات إلى يوم الميقات المعلوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية