الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 536 ] وأما النسطورية فقد ذهبوا إلى القول بأن المسيح شخصان وطبيعتان لهما مشيئة واحدة ، وأن طبيعة اللاهوت لما وجدت بالناسوت صار لهما إرادة واحدة ، واللاهوت لا يقبل زيادة ولا نقصانا ولا يمتزج بشيء ، والناسوت يقبل بالزيادة والنقصان ، وكان المسيح بذلك إلها وإنسانا ، فهو الإله بجوهر اللاهوت الذي لا يقبل الزيادة والنقصان ، وهو إنسان بجوهر الناسوت الذي يقبل الزيادة والنقصان . وقالوا : إن مريم ولدت المسيح بناسوته وإن اللاهوت لم يفارقه قط .

وكل هذه الفرق استنكفت أن يكون المسيح عبد الله وهو لم يستنكف من ذلك ، ورغبت به عن عبودية الله ، وهو لم يرغب عنها ، بل أعلى منازله عبودية الله ، ومحمد وإبراهيم خير منه ، وأعلى منازلهما تكميل مراتب العبودية بالله تعالى ، ويا فوز من رضيه أن يكون له عبدا ، فلم ترض المثلثة بذلك .

وقالت الآريوسية منهم ، وهم أتباع آريوس : إن المسيح عبد الله كسائر الأنبياء والرسل ، وهو مربوب مخلوق مصنوع .

وكان النجاشي على هذا المذهب .

وإذا ظفرت المثلثة بواحد من هؤلاء قتلوه شر قتلة ، وفعلوا به ما يفعل بمن سب المسيح وشتمه أعظم سب .

[ ص: 537 ] وكل من تلك الفرق الثلاث عوامهم لا يفهم مقالة خواصهم على حقيقتها ، بل يقولون : إن الله تخطى مريم كما يتخطى الرجل المرأة ، وأحبلها فولدت له ابنا ، ولا يعرفون تلك الهذيانات التي وضعها خواصهم ، فهم يقولون : الذي تدندنون حوله نحن نعتقده بغير حاجة منا إلى معرفة الأقاليم الثلاث والطبيعتين والمشيئتين ، وذلك التهويل والتطويل .

وهم يصرحون بأن مريم والدة الإله ، والله أبوه ، وهو الابن فهذا الزوج والزوجة ، والولد وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا .

فهذه أقوال أعداء المسيح من اليهود والمغالين فيه من النصارى والمثلثة عباد الصليب قاتل الله الفئتين أنى يؤفكون .

التالي السابق


الخدمات العلمية