الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال آريوس : أقول : إن الأب كان إذا لم يكن الابن ، ثم إنه أحدث الابن ، وكان كلمة له إلا أنه محدث مخلوق ، ثم فوض الأمر إلى ذلك الابن المسمى كلمة ، فكان هو خالق السماوات والأرض وما بينهما ، كما قال في إنجيله إذ يقول : وهب لي سلطانا على السماء والأرض ، وكان هو الخالق لهما بما أعطي من ذلك ، ثم إن الكلمة تجسدت من مريم العذراء ، ومن روح القدس فطر ذلك مسيحا واحدا ، فالمسيح الآن معنيان كلمة وجسد إلا أنهما جميعا مخلوقان .

فأجابه عند ذلك بترك الإسكندرية ، وقال : تخبرنا أيما أوجب علينا عندك : عبادة من خلقنا أو عبادة من لم يخلقنا ؟

قال آريوس : بل عبادة من خلقنا .

قال له البترك : فإن كان خالقنا الابن - كما وصفت - وكان الابن مخلوقا ، فعبادة الابن المخلوق أوجب من عبادة الأب الذي ليس بخالق ، بل تصير عبادة الآب الذي خلق [ ص: 554 ] الابن كفرا ، وعبادة الابن المخلوق إيمانا ، وذلك من أقبح الأقاويل ، فاستحسن الملك وكل من حضر مقالة البترك ، وشنع عندهم مقالة آريوس ، ودارت بينهما أيضا مسائل كثيرة ، فأمر قسطنطين البترك أن يكفر آريوس وكل من قال بمقالته ، فقال له : بل يوجه الملك بشخص البتارك والأساقفة حتى يكون لنا مجمع ونضع فيه قضية ، ويكفر آريوس ، ونشرح الدين ، ونوضحه للناس ، فبعث قسطنطين الملك إلى جميع البلدان فجمع البتاركة والأساقفة ، فاجتمع في مدينة نيقية بعد سنة وشهرين ألفان وثمانية وأربعون أسقفا ، فكانوا مختلفي الأراء ، مختلفي الأديان .

التالي السابق


الخدمات العلمية