الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              التقسيم الثاني : أن الألفاظ بالإضافة إلى خصوص المعنى وشموله تنقسم إلى لفظ يدل على عين واحدة ونسميه معينا ، كقولك زيد وهذه الشجرة وهذا الفرس وهذا السواد ، وإلى ما يدل على أشياء كثيرة تتفق في معنى واحد ونسميه مطلقا .

              والأول حده اللفظ الذي لا يمكن أن يكون مفهومه إلا ذلك الواحد بعينه فلو قصدت اشتراك غيره فيه منع نفس مفهوم [ ص: 26 ] اللفظ منه .

              وأما المطلق فهو الذي لا يمنع نفس مفهومه من وقع الاشتراك في معناه ، كقولك السواد والحركة والفرس والإنسان . وبالجملة الاسم المفرد في لغة العرب إذا أدخل عليه الألف واللام للعموم . فإن قلت : وكيف يستقيم هذا وقولك الإله والشمس والأرض لا يدل إلا على شيء واحد مفرد مع دخول الألف واللام ؟ فاعلم أن هذا غلط ، فإن امتناع الشركة ههنا ليس لنفس مفهوم اللفظ بل الذي وضع اللغة لو جوز في الإله عددا لكان وجود هذا اللفظ عاما في الآلهة كلها ، فإن امتنع الشمول لم يكن لوضع اللفظ بل لاستحالة وجود إله ثان ، فلم يكن امتناع الشركة لمفهوم اللفظ .

              والمانع في الشمس أن الشمس في الوجود واحدة ، فلو فرضنا عوالم في كل واحد شمس وأرض كان قولنا الشمس والأرض شاملا للكل . فتأمل هذا فإنه مزلة قدم في جملة من الأمور النظرية ، فإن من لا يفرق بين قوله السواد وبين قوله هذا السواد وبين قوله الشمس وبين قوله هذه الشمس عظم سهوه في النظريات من حيث لا يدري .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية