الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثاني في العزل والانعزال وفيه مسائل : الأولى : إذا جن أو أغمي عليه أو عمي أو خرس أو خرج عن أهلية الضبط والاجتهاد لغفلة أو نسيان لم ينفذ حكمه ، وكذا لو [ ص: 126 ] فسق على الأصح ، فلو زالت هذه الأحوال ، ففي عود ولايته من غير تولية مستأنفة وجهان سبقا في كتاب الوصايا ، الأصح ، لا يعود ، وقطع السرخسي بعودها في صورة الإغماء . ولو أخبر الإمام بموت القاضي أو فسقه ، فولى قاضيا ، ثم بان خلافه ، لم يقدح في تولية الثاني .

                                                                                                                                                                        الثانية : في الحال الذي يجوز فيه عزله ، فإن ظهر منه خلل ، فللإمام عزله ، قال في " الوسيط " : ويكفي فيه غلبة الظن . وإن لم يظهر خلل ، نظر إن لم يكن من يصلح للقضاء ، لم يجز عزله ، ولو عزله لم ينعزل ، وإن كان هناك صالح ، نظر إن كان أفضل منه جاز عزله وانعزل المفضول بالعزل ، وإن كان مثله أو دونه ، فإن كان في العزل به مصلحة من تسكين فتنة ونحوها ، فللإمام عزله به ، وإن لم يكن فيه مصلحة ، لم يجز ، فلو عزله ، نفذ على الأصح مراعاة لطاعة السلطان ، ومتى كان العزل في محل النظر ، واحتمل أن يكون فيه مصلحة ، فلا اعتراض على الإمام فيه ، ويحكم بنفوذه . وفي بعض الشروح أن تولية قاض بعد قاض هل هي عزل للأول ؟ وجهان ، وليكونا مبنيين على أنه هل يجوز أن يكون في بلد قاضيان .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        هل ينعزل القاضي قبل أن يبلغه خبر العزل ؟ قيل : قولان كالوكيل ، والمذهب القطع بأنه لا ينعزل قبله ، لعظم الضرر في نقض أقضيته ، ثم الخلاف فيما إذا عزله لفظا ، أو كتب إليه : أنت معزول ، أو عزلتك ، فأما إذا كتب إليه : إذا أتاك كتابي هذا ، فأنت معزول ، فلا ينعزل قبل أن يصله الكتاب قطعا ، وإن كتب إذا قرأت كتابي فأنت [ ص: 127 ] معزول ، لم ينعزل قبل القراءة ، ثم إن قرأ بنفسه انعزل ، وكذا إن قرئ عليه على الأصح ؛ لأن الغرض إعلامه بصورة الحال . ولو كان القاضي أميا وجوزناه ، فقرئ عليه ، فالانعزال أولى .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        للقاضي أن يعزل نفسه ، كالوكيل وفي " الإقناع " للماوردي أنه إذا عزل نفسه لا ينعزل إلا بعلم من قلده .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية