الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        هل يتعلق الغرم بشهود الإحصان مع شهود الزنى ، وبشهود الصفة مع شهود تعليق الطلاق والعتق ؟ وجهان ، وقيل : قولان ، أصحهما : لا ، وقيل : إن شهدوا بالإحصان بعد شهادة الزنى غرموا ، وإلا فلا ، فإن غرمناهم ، فقالوا : تعمدنا ، لزمهم القصاص ، كشهود [ ص: 306 ] الزنى . وفي كيفية توزيع الغرم عليهم وعلى شهود الزنى وجهان ، أصحهما : اعتبار النصابين ، فعلى شهود الإحصان ثلث الغرم ، والآخرين ثلثاه ، والثاني يوزع نصفين اعتبارا بالجنسين ، كالقاضي مع الشهود ، وإذا غرمنا شهود الصفة ، غرموا النصف قطعا .

                                                                                                                                                                        فإذا شهد أربعة بالزنى ، واثنان بالإحصان ، ورجعوا كلهم بعد الرجم ، فإن قلنا بالأصح : إن شهود الإحصان لا يغرمون ، فالضمان على شهود الزنى ، وإلا فعلى الجميع أثلاثا على الأصح ، ومناصفة على الآخر ، وإن رجع واحد من شهود الزنى ، وواحد من شاهدي الإحصان ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، فعلى الرابع من شهود الزنى ربع الغرم ، وإن غرمناهم ، فإن نصفنا ، فعليه ثمن الغرم ، على الآخر ربع ، وإن ثلثنا ، فعلى كل واحد منهما سدسه ، وإن رجع واحد من أحد الصنفين لا غير ، ففيما عليه هذا الخلاف .

                                                                                                                                                                        ولو شهد أربعة بالزنى والإحصان جميعا ، ثم رجع أحدهم ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، فعليه ربع الغرم ، وإن غرمناهم ، فقد بقي هنا من تقوم به بحجة الإحصان ، فإن غرمنا الرابع مع ثبات من تقوم به الحجة ، لزمه الربع أيضا ، كما لو رجعوا كلهم ، وإن لم نغرمه ، فلا ضمان عليه بسبب الإحصان ، وأما بسبب الزنى ، فإن نصفنا ، فعليه ثمن الغرم ، وإن ثلثنا ، فسدسه ، وإن رجع ثلاثة وبقي واحدة ، فقد بطل ثلاثة أرباع حجة الزنى ، ونصف حجة الإحصان ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، لزمهم ثلاثة أرباع الغرم ، وإن غرمناهم ، فعلى كل واحد إن نصفنا للرجوع عن الزنى ثمن الغرم ، وعن الإحصان نصف سدسه بتوزيع نصف غرم الإحصان عليهم ، وإن ثلثنا ، فعلى كل واحد للرجوع عن شهادة الزنى سدس الغرم توزيعا للثلثين على الأربعة ، وعن الإحصان ثلث سدسه توزيعا لنصف غرم الإحصان على الراجعين .

                                                                                                                                                                        ولو شهد أربعة بالزنى ، [ ص: 307 ] واثنان منهم بالإحصان ، ثم رجعوا بعد الرجم ، فإن لم نغرم شهود الإحصان في المسائل السابقة ، فكذا هنا ، وإن غرمناهم ، فهل يغرم شاهد الأصل هنا زيادة ؟ وجهان ، فإن قلنا : نعم ، عاد الخلاف ، فإن نصفنا فعلى اللذين شهدا بالإحصان ثلاثة أرباع الغرم : النصف بشهادة الإحصان ، والربع بالزنى ، وعلى الآخرين الربع ، وإن ثلثنا ، فعلى شاهدي الإحصان ثلثان ، وعلى الآخرين ثلث ، وإن رجع واحد منهم ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، فعليه ربع الغرم ، وإن غرمناهم ، فإن كان الراجع من شاهدي الإحصان ، فإن نصفنا ، لزمه ثمن الغرم ، وإن ثلثنا ، فالسدس .

                                                                                                                                                                        ولو شهد ثمانية بالزنى والإحصان ، ثم رجع أحدهم فلا غرم على الأصح لبقاء الحجتين ، وكذا لو رجع ثان وثالث ورابع ، فإن رجع خامس ، فقد بطلت حجة الزنى ، ولم تبطل حجة الإحصان ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، فعلى الخمسة ربع الغرم لبطلان ربع الحجة ، وإن غرمناهم ، فلا غرم هنا لشهادة الإحصان على الأصح ، لبقاء حجته ، ويغرم الراجعون ربع غرم الزنى وهو السدس إن ثلثنا ، والثمن إن نصفنا ، وإن رجع ستة ، لزمه نصف غرم الزنى ، وهو الثلث إن ثلثناه ، والربع إن نصفناه ، وإن رجع سبعة ، بطلت الحجتان ، ولا يخفى قياسه .

                                                                                                                                                                        شهد أربعة على رجل بأربعمائة ، ثم رجع أحدهم عن مائة وآخر عن مائتين ، وثالث عن ثلاثمائة ، والرابع عن الجميع ، فالبينة باقية بتمامها في مائتين ، فالأصح أنه لا يجب غرمهما ، ويجب عن الأربعة غرم المائة بالرجوع عنها باتفاقهم ، وعلى الثاني والثالث والرابع ثلاثة أرباع المائة التي اختصوا بالرجوع عنها ، والوجه الثاني على كل واحد حصته [ ص: 308 ] فيما رجع عنه ، فعلى الأول ربع المائة ، وعلى الثاني خمسون ، وعلى الثالث خمسة وسبعون ، وعلى الرابع مائة .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية