الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الثالثة : حلف لا يسكن هذه الدار ، ولا يقيم فيها ، وهو عند الحلف فيها ، فمكث ساعة بلا عذر ، حنث ، وإذا مكث ، فسواء أخرج أهله ومتاعه أم لا ، لأنه حلف على سكنى نفسه ، لا أهله ومتاعه . فلو خرج وترك فيها أهله ومتاعه ، لم يحنث . ولو حلف : لا يسكن دارا ، فانتقل إليها بنفسه ، دون أهله وماله ، حنث . ولو مكث لعذر ، بأن أغلق عليه الباب ، أو منع من الخروج ، أو خاف على نفسه أو ماله لو خرج ، أو كان مريضا ، أو زمنا لا يقدر على الخروج ، ولم يجد من [ ص: 31 ] يخرجه ، لم يحنث . وإن مرض ، وعجز بعد الحلف ، ففي الحنث الخلاف في حنث المكره . وقد تخرج سائر الصور على ذلك الخلاف . فإن وجد المريض من يخرجه ، فينبغي أن يأمره بإخراجه ، فإن لم يفعل ، حنث . وإن مكث الحالف مشتغلا بأسباب الخروج ، بأن انتهض لجمع المتاع ، ويأمر أهله بالخروج ، ويلبس ثوب الخروج ، لم يحنث على الأصح ، لأنه لا يعد ساكنا ، كما لو خرج في الحال ثم عاد لنقل متاع ، أو زيارة أو عيادة أو عمارة ، فإن الأصحاب قالوا : لا يحنث ، لأنه فارقها ، وبمجرد العود لا يصير ساكنا . ولو احتاج إلى أن يبيت فيها ليلة لحفظ متاع ، ففيه احتمالان لابن كج . والأصح عنده أنه لا يحنث . ولو خرج في الحال ثم اجتاز بها ، بأن دخل من باب ، وخرج من آخر ، فقال القاضي حسين : الصحيح أنه لا يحنث ، وإن تردد فيها ساعة بلا غرض ، حنث . وينبغي أن لا يحنث بالتردد ، لأنها لا تصير به مسكنا قال البغوي : ولو عاد مريضا مارا في خروجه ، لم يحنث ، وإن قعد عنده حنث ، ولو خرج في الحال ثم دخل ، أو كان خارجا حين حلف ، ثم دخل لا يحنث بالدخول ما لم يمكث ، فإن مكث حنث ، إلا أن يشتغل بحمل متاع كما في الابتداء .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية