الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الشرط السادس الانفكاك عن التهمة ، وللتهمة أسباب ، الأول أن يجر بشهادته إلى نفسه نفعا ، أو يدفع بها ضرا ، فلا تقبل شهادة السيد لعبده المأذون له ، ولا لمكاتبه بدين ولا عين ، ولا شهادة الوارث لمورثه ، ولا الغريم للميت ، والمفلس المحجور عليه ، وتقبل شهادته لغريمه الموسر ، وكذا المعسر قبل الحجر عليه على الأصح ، ولا تقبل شهادة الضامن للمضمون عنه بالأداء ، ولا الإبراء ، ولا الوكيل لموكله فيما هو وكيل فيه ، ولا الوصي والقيم في محل تصرفهما ، ولا الشريك لشريكه فيما هو شريك فيه ، بأن يقول : هذه الدار بيننا ، ويجوز أن يشهد بالنصف لشريكه ، ولا تقبل شهادته لشريكه ببيع الشقص ، ولا للمشتري من شريكه ، لأنها تتضمن إثبات الشفعة لنفسه ، فإن لم يكن فيه شفعة بأن كان مما لا ينقسم ، قال الشيخ أبو حامد : تقبل ، وكذا لو عفا عن الشفعة ، ثم شهد ، ولو شهد أن زيدا جرح مورثه ، لم يقبل للتهمة . ولو شهد بمال آخر لمورثه المجروح ، أو المريض إن يشهد بعد الاندمال ، قبلت قطعا ، وكذا قبله على الأصح .

                                                                                                                                                                        [ ص: 235 ] فرع

                                                                                                                                                                        ذكر القاضي أبو سعد الهروي في شرح أدب القضاء لأبي عاصم العبادي - رحمه الله - أنه لا تقبل شهادة المودع للمودع إذا نازعه في الوديعة أجنبي ؛ لأنه يستديم اليد لنفسه ، ويقبل للأجنبي ، وكذا شهادة المرتهن لا يقبل للراهن ، ويقبل للأجنبي ، وإن شهادة الغاصب على المغصوب منه بالعين لأجنبي لا تقبل لفسقه ، ولتهمته بدفع الضمان ، ومؤنة لرد ، فإن شهد بعد الرد ، قبلت شهادته ، وإن شهد بعد التلف ، لم تقبل ؛ لأنه يدفع الضمان ، وإن شهادة المشتري شراء فاسدا بعد القبض لا تقبل للأجنبي لما ذكرنا ، وإن شهادة المشتري شراء صحيحا بعد الإقالة ، والرد بالعيب ، لا تقبل للبائع ؛ لأنه يستبقي لنفسه الغلات ، وإن كان المدعي يدعي الملك من تاريخ متقدم على البيع . ولو شهد بعد الفسخ بخيار الشرط أو المجلس ، فوجهان بناء على أنه يرفع العقد من أصله ، وترجع الفوائد إلى البائع أم حينه ولا يرجع .

                                                                                                                                                                        وأنه لو كان لميت دين على شخص ، فشهد أجنبيان لرجل بأنه أخو الميت ، ثم شهد الغريمان لآخر بأنه ابنه ، لم تقبل شهادة الغريمين ، لأنهما ينقلان ما عليهما للأخ إلى الآخر بخلاف ما لو تقدمت شهادة الغريمين ، وأنه لا تقبل شهادة الوارثين على موت المورث ، ولا شهادة الموصى لهما على الموصي ، وتقبل شهادة الغريمين على موت من له الدين ، لأنهما لا ينتفعان بهذه الشهادة ، ولا ينظر إلى نقل الحق من شخص إلى شخص ؛ لأن الوارث خليفة المورث ، فكأنه هو ، ولو شهد شهود بقتل الخطإ ، فشهد اثنان من العاقلة بفسق شهود القتل ، لم تقبل شهادتهما ، لأنهما يدفعان ضرر التحمل .

                                                                                                                                                                        ولو شهد اثنان على مفلس بدين ، فشهد غرماؤه الآخرون [ ص: 236 ] بفسقهما ، لم تقبل شهادتهم ، لأنهم يدفعون عنه ضرر المزاحمة . ولو شهد اثنان لاثنين بوصية من تركة ، فشهد المشهود لهما للشاهدين بوصية للشاهدين ، فوجهان ، أحدهما : لا تقبل الأربعة ، لتهمة المواطأة ، بوصية للشاهدين ، فوجهان ، أحدهما لا تقبل الأربعة ، لتهمة المواطأة ، والصحيح قبول الشهادتين ، لانفصال كل شهادة عن الأخرى ، ولا يجر بشهادته نفعا ، ولهذا قلنا : تقبل شهادة بعض القافلة لبعض في قطع الطريق إذا قال كل واحد منهم : أخذ مالي فلان ، ولم يقل : أخذ مالنا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية