الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو كان الخصم حاضرا ، والمدعي ببلدة أخرى ، فقياس ما سبق أنا إن قلنا : تسمع البينة بالمال الغائب ، ويحكم به ، فالقاضي يحكم عليه ، وإن لم نجوز إلا السماع ، فإذا سمع البينة ، أمر بنقل المدعي إلى مجلسه ، كما يفعله القاضي المكتوب إليه عند غيبة الخصم .

                                                                                                                                                                        [ ص: 193 ] فرع

                                                                                                                                                                        ذكرنا أن المدعي إن كان في البلد ، كلف المدعى عليه إحضاره ، وإن كان غائبا يبعثه القاضي المكتوب إليه على يد المدعى ، ولا يكلف المدعى عليه الإحضار للمشقة ، كما يكلف الحضور هناك ولا يكلفه هنا ، قال البغوي : فحيث أمر المدعي هنا بالإحضار ، فمؤنة الإحضار عليه إن ثبت أنه للمدعي ، وإلا فعلى المدعى مؤنة الإحضار والرد جميعا ، وحيث يبعثه القاضي المكتوب إليه إلى بلد الكاتب إن لم يثبت أنه للمدعي ، فعليه رده إلى موضع بمؤناته ، وتستقر عليه مؤنة الإحضار إن تحملها من عنده ، وإن ثبت أنه للمدعي ، فقياس ما ذكره البغوي أنه يرجع بمؤنة الإحضار على المدعي عليه .

                                                                                                                                                                        وفي أمالي السرخسي أن القاضي ينفق على النقل من بيت المال ، فإن لم يكن في بيت المال شيء ، اقترض ، فإن ثبت المال للمدعى عليه ، لزمه رد القرض بظهور تعديه ، وإلا كلف المدعي رده لظهور تعنته ، ثم قال العراقيون والبغوي وغيرهم : إذا نقل المدعي المال إلى بلد القاضي الكاتب ، ولم يثبت كونه له ، لزم المدعي مع مؤنة الرد أجرة المثل لمدة الحيلولة ، ولم يتعرضوا لذلك في مدة تعطل المنفعة ، وإذا أحضره المدعى عليه وهو في البلد ، فاقتضى سكوتهم المسامحة . وقد صرح بهذا الاقتضاء الغزالي ، والفرق بين الحالين زيادة الضرر هناك .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية