الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن دفن الميت ولم يصل عليه [ ص: 121 ] صلي على قبره ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام صلى على قبر امرأة من الأنصار ( ويصلى عليه قبل أن يتفسخ ) والمعتبر في معرفة ذلك أكبر الرأي هو الصحيح لاختلاف الحال والزمان والمكان .

التالي السابق


( قوله لأنه عليه الصلاة والسلام صلى على قبر امرأة ) روى ابن حبان وصححه والحاكم وسكت عنه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد بن ثابت قال : { خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر فسأل عنه ؟ فقالوا فلانة فعرفها ، فقال : ألا آذنتموني ؟ قالوا : كنت قائلا صائما ، قال : فلا تفعلوا ، لا أعرفن ما مات منكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه رحمة ، ثم أتى القبر فصففنا خلفه وكبر عليه أربعا } وروى مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره { أن مسكينة مرضت ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها ، فقال عليه الصلاة والسلام : إذا ماتت فآذنوني بها ، فخرجوا بجنازتها ليلا فكرهوا أن يوقظوه ، فلما أصبح أخبر بشأنها فقال : ألم آمركم أن تؤذنوني بها ؟ فقالوا : يا رسول الله كرهنا أن نخرجك ليلا أو نوقظك ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صف بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات } .

وما في الحديث أنه صفهم خلفه . وفي الصحيحين عن الشعبي قال أخبرني من شهد { النبي صلى الله عليه وسلم أتى [ ص: 121 ] على قبر منبوذ فصفهم فكبر أربعا } قال الشيباني : من حدثك بهذا ؟ قال ابن عباس ، دليل على أن لمن لم يصل أن يصلي على القبر وإن لم يكن الولي ، وهو خلاف مذهبنا ، فلا مخلص إلا بادعاء أنه لم يكن صلي عليها أصلا وهو في غاية البعد من الصحابة . ومن فروع عدم تكرارها عدم الصلاة على عضو ، وقد قدمناه في فصل الغسل ، وذلك لأنه إذا وجد الباقي صلي عليه فيتكرر ، ولأن الصلاة لم تعرف شرعا إلا على تمام الجثة ، إلا أنه ألحق الأكثر بالكل فيبقى في غيره على الأصل ( قوله صلى على قبره ) هذا إذا أهيل التراب سواء كان غسل أو لا لا لأنه صار مسلما لمالكه تعالى وخرج عن أيدينا فلا يتعرض له بعد ، بخلاف ما إذا لم يهل فإنه يخرج ويصلى عليه ، وقدمنا أنه إذا دفن بعد الصلاة قبل الغسل إن أهالوا عليه لا يخرج وهل يصلى على قبره ، قيل لا ، والكرخي نعم ، وهو الاستحسان لأن الأولى لم يعتد بها لترك الشرط مع الإمكان ، والآن زال الإمكان فسقطت فرضية الغسل لأنها صلاة من وجه ودعاء من وجه ، فبالنظر إلى الأول لا تجوز بلا طهارة أصلا ، وإلى الثاني تجوز بلا عجز ، فقلنا تجوز بدونها حالة العجز لا القدرة عملا بالشبهين ( قوله هو الصحيح ) احتراز عما عن أبي حنيفة أنه يصلى إلى ثلاثة أيام

( قوله لاختلاف الحال ) أي حال الميت من السمن والهزال والزمان من الحر والبرد والمكان إذ منه ما يسرع بالإبلاء ومنه لا ، حتى لو كان في رأيهم أنه تفرقت أجزاؤه قبل الثلاث لا يصلون إلى الثلاث




الخدمات العلمية