الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولا يغطي وجهه ولا رأسه ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى : يجوز للرجل تغطية الوجه لقوله عليه الصلاة والسلام { إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها } . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { لا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا } قاله في محرم توفي [ ص: 442 ] ولأن المرأة لا تغطي وجهها مع أن في الكشف فتنة فالرجل بالطريق الأولى . وفائدة ما روي الفرق في تغطية الرأس .

التالي السابق


( قوله لقوله عليه الصلاة والسلام { إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها } ) رواه الدارقطني والبيهقي موقوفا على ابن عمر ، وقول الصحابي عندنا حجة إذا لم يخالف وخصوصا فيما لم يدرك بالرأي .

واستدل الشافعي أيضا بما أسنده من حديث إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي وقص : خمروا وجهه ولا تخمروا رأسه } .

وإبراهيم هذا وثقه ابن معين وأحمد وأبو حاتم . وأخرج الدارقطني في العلل عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبان بن عثمان بن عفان عن عثمان رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخمر وجهه وهو محرم } قال : والصواب أنه موقوف ، وروى مالك في الموطأ عن القاسم بن محمد قال : أخبرني الفرافصة بن عمير الحنفي أنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعرج يغطي وجهه وهو محرم . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام فيما أخرج مسلم والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن رجلا وقصته راحلته } ، وفي رواية : { فأقعصته وهو محرم فمات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغسلوه بماء وسدر وكفنوه ولا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا } أفاد أن للإحرام أثرا في عدم تغطية الوجه وإن كان أصحابنا قالوا لو مات المحرم يغطى وجهه لدليل آخر نذكره إن شاء الله تعالى .

ورواه الباقون ولم يذكروا فيه الوجه ، فلذا قال الحاكم : فيه تصحيف فإن الثقات من أصحاب عمرو بن دينار على روايته عنه { ولا تغطوا رأسه } وهو المحفوظ .

ودفع بأن الرجوع إلى مسلم والنسائي أولى منه إلى الحاكم ، فإنه كان يهم رحمه الله كثيرا ، وكيف يقع التصحيف ولا مشابهة بين حروف الكلمتين ، ثم مقتضاه أن يقتصر على ذكر الرأس وهي رواية في مسلم ، لكن في الرواية الأخرى جمع بينهما فتكون تلك اقتصارا من الراوي ، فيقدم على معارضه من مروي الشافعي ، لأنه أثبت سندا ، وفي فتاوى قاضي خان : لا بأس بأن يضع يده على أنفه ، ولا يغطي فاه ولا ذقنه ولا عارضه ، فيجب حمل التغطية المروية عمن ذكرنا من الصحابة على مثله [ ص: 442 ] يعني على أنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يغطي أنفه بيده فوارت بعض أجزائه إطلاقا لاسم الكل على الجزء جمعا ( قوله وفائدة ما روي الفرق ) بين الرجل والمرأة ( في تغطية الرأس ) أي إحرامه في رأسه فيكشفه وإحرامها في وجهها فتكشفه ، ففي جانبها قيد فقط مراد ، وفي جانبه معنى لفظ أيضا مراد .




الخدمات العلمية