الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن اشترى جارية للتجارة ونواها للخدمة بطلت عنها الزكاة ) لاتصال النية بالعمل وهو ترك التجارة ( وإن نواها للتجارة بعد ذلك لم تكن للتجارة حتى يبيعها فيكون في ثمنها زكاة ) لأن النية لم تتصل بالعمل إذ هو لم يتجر فلم تعتبر ، ولهذا يصير المسافر مقيما بمجرد النية ، ولا يصير المقيم مسافرا إلا بالسفر [ ص: 169 ] ( وإن اشترى شيئا ونواه للتجارة كان للتجارة لاتصال النية بالعمل ، بخلاف ما إذا ورث ونوى التجارة ) لأنه لا عمل منه ، ولو ملكه بالهبة أو بالوصية أو النكاح أو الخلع أو الصلح عن القود ونواه للتجارة كان للتجارة عند أبي يوسف رحمه الله لاقترانها بالعمل ، وعند محمد لا يصير للتجارة لأنها لم تقارن عمل التجارة ، وقيل الاختلاف على عكسه .

التالي السابق


( قوله لاتصال النية بالعمل ) حاصل هذا الفصل أن ما كان من أعمال الجوارح فلا يتحقق بمجرد النية ، وما كان من التروك كفى فيه مجردها فالتجارة من الأول فلا يكفي مجرد النية بخلاف تركها ، ونظيره السفر والفطر والإسلام والإسامة لا يثبت واحد منها إلا بالعمل ، وتثبت أضدادها بمجرد النية فلا يصير مسافرا ولا مفطرا ولا مسلما ولا الدابة سائمة بمجرد النية بل بالعمل ، ويصير [ ص: 169 ] المسافر مقيما والمفطر صائما والمسلم كافرا والدابة علوفة بمجرد نية هذه الأمور ، والمراد بالمفطر الذي لم ينو صوما يعد في وقت تصح فيه النية ( قوله وإن اشترى شيئا إلخ ) المراد ما تصح فيه نية التجارة لا عموم شيء ، فإنه لو اشترى أرضا خراجية أو عشرية ليتجر فيها لا تجب فيها زكاة التجارة ، وإلا اجتمع فيها الحقان بسبب واحد وهو الأرض . وعن محمد في أرض العشر اشتراها للتجارة تجب الزكاة مع العشر ، وإذا لم يصح بقيت الأرض على وظيفتها التي كانت ، وكذا لو اشترى بذرا للتجارة وزرعه في عشرية استأجرها كان فيها العشر لا غير ( قوله بخلاف ما إذا ورث ) الحاصل أن نية التجارة فيما يشتريه تصح بالإجماع وفيما يرثه لا تصح بالإجماع لأنه لا صنع له فيه أصلا وفيما تملكه بقبول عقد مما ذكر خلاف . وجه الاعتبار أن مقتضى الدليل اعتبار النيات مطلقا وإن تجردت عن الأعمال ، قال عليه الصلاة والسلام { نية المؤمن خير من عمله } إلا أنها لم تعتبر لخفائها حتى تتصل بالعمل الظاهر وقد اتصلت في هذه . وجه الآخر أن اعتبارها إذا طابقت المنوي وهو التجارة وهي مبادلة المال بالمال وذلك منتف بالهبة وما معها والذي في نفسي ترجيح الأول . ويلحق بالبيع بدل المؤجر ، فلو آجره ولده بعبد ونواه للتجارة كان للتجارة ، وبالميراث ما دخل له من حبوب أرضه فنوى إمساكها للتجارة فلا تجب لو باعها بعد حول




الخدمات العلمية