الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 38 ] ( وإن اقتدى المسافر بالمقيم في الوقت أتم أربعا ) ; لأنه يتغير فرضه إلى أربع للتبعية كما يتغير بنية الإقامة لاتصال المغير بالسبب وهو الوقت [ ص: 39 ] ( وإن دخل معه في فائتة لم تجزه ) ; لأنه لا يتغير بعد الوقت لانقضاء السبب ، كما لا يتغير بنية الإقامة فيكون اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعدة أو القراءة .

التالي السابق


( قوله : لاتصال المغير ) وهو الاقتداء بالسبب وهو الوقت ، وفرض المسافر قابل للتغيير حال قيام الوقت ، فإنه لو نوى الإقامة فيه تغير إلى أربع . فبعد قبوله للتغير توقف تحقق التغير على مجرد سبب وقد وجد وهو الاقتداء .

فإن قيل : انعقاد الاقتداء سببا للتغير موقوف على صحة اقتداء المسافر بالمقيم وصحته موقوفة على تغير فرضه إذ ما لم يتغير لزم أحد الأمرين من اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعدة أو القراءة فقد توقف التغير على الاقتداء وصحته على التغير وهو دور . فالجواب أنه دور معية لا دور ترتب بأن تثبت صحة الاقتداء والتغير معا إلا أنه في الملاحظة يكون ثبوت التغير لتصحيح الاقتداء ; لأنه مطلوب شرعا ما لم يمنع منه ولا مانع إلا عدم التغير ، وهو ليس بلازم لفرض ثبوت التغير بما يصلح سببا له فليكن طلب الشرع تصحيح الاقتداء سببا له أيضا فيثبت عند الاقتداء فتثبت الصحة معه ، بخلاف ما إذا خرج الوقت ; لأنه حينئذ لا يقبلها لتقرره في الذمة ركعتين فيصير كالصبح فلا يمكن فلا يصح ، وهذا إذا خرج الوقت قبل الاقتداء .

أما إذا اقتدى به في الوقت ثم خرج قبل الفراغ فلا يفسد ولا يبطل اقتداؤه ; لأنه حين اقتدى صار فرضه أربعا للتبعية كالمقيم وصلاة المقيم لا تصير ركعتين بخروج الوقت ، وكذا لو نام خلف الإمام حتى خرج الوقت فانتبه بطريق أولى : أعني يتم أربعا ، وإذا كان تغيره ضرورة الاقتداء فلو أفسد صلى ركعتين لزواله ، بخلاف ما لو اقتدى بالمقيم في فرضه ينوي النفل حيث يصلي أربعا إذا أفسد ; لأنه التزم أداء صلاة الإمام وهنا لم يقصد سوى إسقاط فرضه غير أنه تغير ضرورة المتابعة ، بخلاف ما لو اقتدى المقيم بالمسافر فأحدث الإمام فاستخلف المقيم لا يتغير فرضه إلى الأربع مع أنه صار مقتديا بالخليفة المقيم ; لأنه لما كان المؤتم خليفة عن المسافر كان المسافر كأنه الإمام فيأخذ الخليفة صفة الأول ، حتى لو لم يقعد على رأس الركعتين فسدت صلاة الكل من المسافرين والمقيمين . ولو أم مسافر مسافرين ومقيمين فقبل أن يسلم بعد التشهد على رأس الركعتين تكلم واحد من المسافرين أو قام فذهب ثم نوى الإمام الإقامة فإنه يتحول فرضه وفرض المسافرين الذين لم يتكلموا أربعا لوجود المغير في محله ، وصلاة من تكلم تامة ; لأنه تكلم في وقت لو تكلم إمامه لم تفسد فكذا صلاة [ ص: 39 ] المقتدي إذا كان بمثل حاله ، ولو تكلم بعد نيته فسدت صلاته ; لأنه انقلب فرضه أربعا ثم تكلم ، ولكن يجب عليه صلاة المسافرين ركعتين ; لأن الأربع للتبعية وقد زالت بفساد الصلاة .

( قوله : وإن دخل معه في فائتة ) أي في فائتة على المأموم المسافر سواء كانت فائتة على الإمام المقيم أو لا بأن صلى المقيم ركعة من الظهر مثلا أو ركعتين ثم خرج الوقت فاقتدى به مسافر في الظهر ; لأن الظهر فائتة في حق المسافر لا في حق الإمام . ( قوله : اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعدة الأولى ) إن اقتدى به في الشفع الأول فإنها فرض على المسافر الذي لم يتغير فرضه واجبة على الإمام ، وإنما أطلق اسم النفل مجازا لاشتراكهما في عدم فساد الصلاة بالترك أو القراءة إن اقتدى به في الشفع الثاني ، فإن القراءة فيه [ ص: 40 ] نفل على الإمام ، وإن فرض أنه لم يقرأ في الأوليين ; لأن قراءته هذه تلتحق بالأوليين ; لأن فرض القراءة يجب جعله فيهما فيخلو الثاني عن القراءة بالكلية .




الخدمات العلمية