الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( تغلبي له أرض عشر عليه العشر مضاعفا ) [ ص: 251 ] عرف ذلك بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم . وعن محمد رحمه الله : أن فيما اشتراه التغلبي من المسلم عشرا واحدا ; لأن الوظيفة عنده لا تتغير بتغير المالك [ ص: 252 ] ( فإن اشتراها منه ذمي فهي على حالها عندهم ) لجواز التضعيف عليه في الجملة كما إذا مر على العاشر ( وكذا إذا اشتراها منه مسلم أو أسلم التغلبي عند أبي حنيفة رحمه الله ) سواء كان التضعيف أصليا أو حادثا ; لأن التضعيف صار وظيفة لها . فتنتقل إلى المسلم بما فيها كالخراج ( وقال أبو يوسف رحمه الله : يعود إلى عشر واحد ) لزوال الداعي إلى التضعيف قال في الكتاب [ ص: 253 ] وهو قول محمد رحمه الله فيما صح عنه : قال رحمه الله : اختلفت النسخ في بيان قوله والأصح أنه مع أبي حنيفة رحمه الله في بقاء التضعيف ، إلا أن قوله لا يتأتى إلا في الأصلي ; لأن التضعيف الحادث لا يتحقق عنده لعدم تغير الوظيفة

التالي السابق


( قوله وعن محمد رحمه الله إلخ ) ضبط هذا الفصل على تمامه أن الأرض إما [ ص: 252 ] عشرية أو خراجية أو تضعيفية ، والمشترون مسلم وذمي وتغلبي فالمسلم إذا اشترى العشرية أو الخراجية بقيت على حالها ، أو تضعيفية فكذلك عند أبي حنيفة سواء كان التضعيف أصليا بأن كانت من أراضي بني تغلب الأصلية أو حادثا استحدثوا ملكها فضعفت عليهم . وقال أبو يوسف : ترجع إلى عشر واحد لزوال الداعي إلى التضعيف وهو الكفر مع التغلبية ، وقياسا على ما لو اشترى المسلم خمسا من سائمة إبل التغلبي فإنها ترجع إلى شاة واحدة اتفاقا . وقول محمد في الأصح مع أبي حنيفة إلا أنه لا يتأتى قوله في التضعيف الحادث . ولأبي حنيفة رحمه الله أن التضعيف صار وظيفة الأرض فلا يتبدل إلا في صورة يخصها دليل قياسا على ما لو اشترى المسلم الخراجية حيث تبقى خراجية ، وإن كان المسلم لا يبتدأ بالخراج . وقوله : زال المدار ، وهو الكفر . قلنا : هذا مدار ثبوته ابتداء ، وحكم الشرعي يستغنى عن قيام علته الشرعية في بقائه ، وإنما يفتقر إليها في ابتدائه كالرق أثر الكفر ثم يبقى بعد الإسلام والرمل والاضطباع في الطواف ، بخلاف سائمته لأن الزكاة في السائمة ليست وظيفة متقررة فيها ، ولهذا تنتفي بجعلها علوفة وبكونها لغير التغلبي بخلاف الأراضي ، وتقييدنا بالشرعي في الحكم والعلة لإخراج العقلي ، فإنه يفتقر في بقائه إلى علته العقلية عند المحققين ، وستظهر فائدة ما ذكرناه من الاستثناء ، وعلى هذا الخلاف ما إذا أسلم التغلبي وله أرض تضعيفية ، وإذا اشترى التغلبي الخراجية بقيت خراجيته ، أو التضعيفية فهي تضعيفية ، أو العشرية من مسلم ضوعف عليه العشر عندهما خلافا لمحمد له أن الوظيفة بعد ما قررت في الأرض لا تتبدل بتبدل المالك على ما علم فيما إذا اشترى التغلبي خراجية لا يضعف الخراج . ولهما أن في هذه دليلا يخصها [ ص: 253 ] يقتضي تغيرها وهو وقوع الصلح على أن يضعف عليهم ما يبتدئ به المسلم فوجب تضعيف العشر دون الخراج لأنه مما لا يبتدئ به المسلم .

فإن قيل : الصلح وقع على أن يضعف عليهم ما يأخذه بعضنا من بعض ، وأما كونه بقيد كونه مما يبتدئ به المسلم . فمما يحتاج إلى أن توجدوا فيه دليلا ، وهذا ما قال المصنف في آخر الباب لأن الصلح جرى على تضعيف الصدقة دون المؤنة المحضة . قلنا سوق الصلح وهو الأنفة من إعطائهم الجزية لما فيها من الصغار يفيد أنه وقع على ما لا يلزمهم به ما أنفوا منه فيقيد ما ذكرنا ، إذا ابتداء الخراج ذل وصغار ولهذا لا يبتدأ المسلم به ،




الخدمات العلمية