الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : ما تقدم من أن عمها هو الذي زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره أكثر علماء أهل السير . قال السهيلي : وهو الصحيح ، لما رواه الطبري عن جبير بن مطعم وابن عباس وعائش . [ ص: 166 ]

                                                                                                                                                                                                                              كلهم قال : إن عمرو بن أسد هو الذي أنكح خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن خويلد كان قد هلك قبل الفجار . ورجحه الواقدي وغلط من قال بخلافه .

                                                                                                                                                                                                                              وقال عمر بن أبي بكر المؤملي : المجتمع عليه أن عمها عمرو بن أسد هو الذي زوجها منه .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر الزهري في سيرته أن خويلدا أباها الذي زوجها منه وكان قد سكر من خمر ، فألقت عليه خديجة حلة وضمخته بخلوق فلما صحا من سكره قال : ما هذه الحلة والطيب؟

                                                                                                                                                                                                                              فقيل : إنك أنكحت محمدا خديجة وقد ابتنى بها . فأنكر ذلك ثم رضيه وأمضاه . ووافقه ابن إسحاق على ذلك ، وذكر ابن إسحاق في آخر كتابه أن عمرو بن خويلد أخاها هو الذي زوجها . فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : اختلف في قدر عمر خديجة وعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ فقيل : كان عمره صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة . قال في «الغرر» وهو الصحيح الذي عليه الجمهور . وقطع به أبو عمرو الحافظ عبد الغني المقدسي .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : إحدى وعشرين سنة وقدمه في «الإشارة» .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : تسعا وعشرين وقد راهق الثلاثين . قاله البرقي . وقيل ثلاثين وقيل سبعا وثلاثين .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل غير ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              قال في «الغرر» وهذه الأقوال الأربعة ضعيفة ليس لها حجة تقوم على ساق .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : كان عمرها رضي الله تعالى عنها أربعين سنة . وصححه في «الغرر» وقيل خمسا وأربعين وقيل ثلاثين وقيل ثمانية وعشرين .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : ذكر الحافظ يعقوب بن سفيان في كتاب «ما روى أهل الكوفة مخالفا لأهل المدينة» أن عليا ضمن المهر وقال : هذا غلط .

                                                                                                                                                                                                                              قال في «الزهر» قد وجدنا ما ينفي الغلط وهو ما ذكره ابن إسحاق في المتبدإ : أن عليا قال : أرسلني أبي أنه يضمن لكم المهر فزوجوه . قال : فهذا يبين لك معنى ما أشكل على يعقوب ويوضحه .

                                                                                                                                                                                                                              وتعقبه الحافظ في الحاشية بأن عليا كان كما ولد أو لم يكن حينئذ ولد ، على جميع الأقوال في مقدار عمره . وتعقب في «الغرر» كلام «الزهر» أيضا بأن عليا لم يكن ولد كما سنذكر الخلاف في سنه حين أسلم . والصحيح أنه ثمانية وعند آخرين عشرة وعلى الأول يكون مولده سنة اثنتين وثلاثين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الثاني يكون سنة ثلاثين . فيكون . [ ص: 167 ]

                                                                                                                                                                                                                              تزوج النبي صلى الله عليه وسلم قبل مولده بسبع سنين أو خمس . والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في بيان غريب ما سبق .

                                                                                                                                                                                                                              جلدة- بفتح الجيم وإسكان اللام وبالدال المهملة : الصلبة القوية .

                                                                                                                                                                                                                              الحزم : ضبط الشخص أمره وأخذه بالثقة ، وقد حزم الرجل بضم فهو حازم .

                                                                                                                                                                                                                              السطة- بسين مكسورة وطاء مفتوحة مهملتين . قال السهيلي : هي من الوسط مصدر كالعدة والزنة ، يعني من الوعد والوزن . والكلمة أصلها الواو ، والهاء عوض عنها .

                                                                                                                                                                                                                              والوسط من أوصاف المدح والتفضيل ولكن في مقامين : في ذكر النسب وفي ذكر الشهادة . أما النسب : فلأن أوسط القبيلة أعرقها وأولادها بالصميم وأبعدها عن الأطراف وأجدر أن لا تضاف إليه الدعوى ، لأن الآباء والأمهات قد أحاطوا به من كل جانب فكان الوسط من أجل هذا مدحا في النسب لهذا السبب . وأما في الشهادة فنحو قوله تعالى : قال أوسطهم [ن 28] وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس [البقرة 143] وكان هذا مدحا في الشهادة لأن غاية العدالة في الشاهد أن يكون وسطا كالميزان لا يميل مع أحد بل يصمم على الحق تصميما ، لا يجذبه هوى ولا تميل به رغبة ولا رهبة من ها هنا ولا من ها هنا فكان وصفه بالوسط غاية في التزكية والتعديل ، وظن كثير من الناس أن معنى الوسط الأفضل على الإطلاق ، وقالوا معنى الصلاة الوسطى الفضلى ، وليس كذلك بل هو في جميع الأوصاف لا مدح ولا ذم كما يقتضي لفظ التوسط فإذا كان وسطا في السمن فهو بين الممخة أي السمينة والعجفاء . والوسط في الجمال بين الحسناء والشوهاء إلى غير ذلك من الأوصاف لا يعطي مدحا ولا ذما . غير أنهم قد قالوا في المثل : أثقل من مغن وسط على الذم لأن المغني إن كان مجيدا جدا أمتع وأطرب وإن كان باردا جدا أضحك وألهى وذلك أيضا مما يمتع . قال الجاحظ : وإنما الكرب الذي يجثم على القلوب ويأخذ بالأنفاس الغناء الفاتر الوسط الذي لا يمتع بصوت . ولا يضحك بلهو .

                                                                                                                                                                                                                              وإذا ثبت هذا فلا يجوز أن يقال في رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أوسط الناس أي أفضلهم ولا يوصف بأنه وسط في العلم ولا في الجود ولا في غير ذلك إلا في النسب والشهادة .

                                                                                                                                                                                                                              دسيسا : بفتح الدال وسينين مهملتين الأولى مكسورة بينهما مثناة تحتية ساكنة يقال دسست الشيء في الشيء إذا أخفيته فيه . والدسيس إخفاء المكر .

                                                                                                                                                                                                                              الضئضئ بكسر الضادين المعجمتين وبهمزتين الأولى ساكنة ويقال فيه ضئضيء [ ص: 168 ] بوزن قنديل وضؤضؤ بوزن هدهد ، وضؤضوء بوزن سرسور ، ويقال أيضا بصادين وسينين مهملتين ، وهو في الجميع : الأصل والمعدن .

                                                                                                                                                                                                                              العنصر : بعين مهملة مضمومة فنون ساكنة وصاد مهملة مضمومة وقد تفتح : الأصل .

                                                                                                                                                                                                                              الفحل : بفاء فحاء مهملة : معروف .

                                                                                                                                                                                                                              لا يقدع : بمثناة تحتية مضمومة فقاف ساكنة فدال مفتوحة فعين مهملتين قال في الصحاح : قدعت فرسي أقدعه قدعا : كبحته وكففته ، فهو فرس قدوع أي يحتاج إلى القدع ليكف بعض جريه . وهذا فحل لا يقدع أي لا يضرب أنفه ، وذلك إذا كان كريما . وفي النهاية :

                                                                                                                                                                                                                              يقال : قدعت الفحل وهو أن يكون غير كريم فإذا أراد ركوب الناقة الكريمة ضرب أنفه بالرمح أو غيره يرتدع وينكف . ويروى بالراء .

                                                                                                                                                                                                                              التضمخ : التلطخ .

                                                                                                                                                                                                                              الخلوق : بفتح المعجمة طيب يخلط بزعفران .

                                                                                                                                                                                                                              النش : بنون مفتوحة فشين معجمة : نصف أوقية ، والأوقية أربعون درهما ، فيكون جملة الصداق خمسمائة درهم شرعي . [ ص: 169 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية