الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

                                                                                                                                                                                                                              قال محرش- بضم الميم وفتح المهملة وقيل معجمة وكسر الراء بعدها معجمة ، ابن عبد الله الكعبي رضي الله تعالى عنه : اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ليلا فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة .

                                                                                                                                                                                                                              رواه الإمام أحمد ويعقوب بن سفيان .

                                                                                                                                                                                                                              فصل

                                                                                                                                                                                                                              اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى .

                                                                                                                                                                                                                              أحدها : أنه مثل زر الحجلة .

                                                                                                                                                                                                                              روى الشيخان عن السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه قال : قمت خلف ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : أنه كالجمع :

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم عن عبد الله بن سرجس - بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم بعدها مهملة- رضي الله تعالى عنه قال : نظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند نغض كتفه اليسرى جمعا عليه خيلان كأمثال الثآليل .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : أنه كبيضة الحمامة .

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم والبيهقي عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال : رأيت خاتم النبوة بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم مثل بيضة الحمامة يشبه جسده .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال : رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل بيضة الحمامة .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : أنه شعر مجتمع .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححه وأبو يعلى والطبراني من طريق علباء [ ص: 46 ] بكسر المهملة وسكون اللام بعدها موحدة- ابن أحمر- بحاء مهملة وآخره راء- عن أبي يزيد عمرو بن أخطب ، بالخاء المعجمة ، الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادن فامسح ظهري . فدنوت ومسحت ظهره ووضعت أصابعي على الخاتم . فقيل له : ما الخاتم ؟ قال : شعر مجتمع عند كتفه .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه أبو سعد النيسابوري بلفظ شعرات سود .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : أنه كالسلعة .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد وابن سعد والبيهقي من طرق عن أبي رمثة - بكسر الراء وسكون الميم فثاء مثلثة- رضي الله تعالى عنه قال : انطلقت مع أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى مثل السلعة بين كتفيه .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : أنه بضعة ناشزة .

                                                                                                                                                                                                                              روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : الخاتم الذي بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة ناشزة .

                                                                                                                                                                                                                              وفي لفظ عند البخاري في التاريخ والبيهقي : لحمة نائتة ولأحمد : لحم ناشز بين كتفيه .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : أنه مثل البندقة .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن حبان في صحيحه من طريق إسحاق بن إبراهيم قاضي سمرقند : حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : كان خاتم النبوة على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم مثل البندقة من لحم مكتوب فيها : محمد رسول الله .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ أبو الحسن الهيثمي في «مورد الظمآن إلى زوائد ابن حبان » بعد أن أورد الحديث : اختلط على بعض الرواة خاتم النبوة بالخاتم الذي كان يختم به الكتب . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              ومن خطه نقلت وبخط تلميذه الحافظ على الهامش : البعض المذكور هو إسحاق بن إبراهيم قاضي سمرقند . وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر الحافظ ابن كثير نحو ما قال الهيثمي . ولهذا مزيد بيان يأتي في ثامن التنبيهات .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن : أنه مثل التفاحة . [ ص: 47 ]

                                                                                                                                                                                                                              روى الترمذي عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال : كان خاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه صلى الله عليه وسلم مثل التفاحة .

                                                                                                                                                                                                                              التاسع : أنه كأثر المحجم .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد والبيهقي عن التنوخي رسول هرقل رضي الله تعالى عنه في حديثه الطويل قال : فإذا أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل المحجمة الضخمة .

                                                                                                                                                                                                                              العاشر : أنه كشامة سوداء تضرب إلى الصفرة .

                                                                                                                                                                                                                              روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان خاتم النبوة كشامة سوداء تضرب إلى الصفرة حولها شعرات متراكبات كأنها عرف الفرس رواه أبو بكر بن أبي خيثمة من طريق صبح بن عبد الله الفرغاني حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد . وسيأتي في ثامن التنبيهات أنه غير ثابت أيضا .

                                                                                                                                                                                                                              الحادي عشر : أنه كشامة خضراء محتضرة في اللحم ، قليلا .

                                                                                                                                                                                                                              نقله ابن أبي خيثمة في تاريخه عن بعضهم . وسيأتي في ثامن التنبيهات أنه غير ثابت أيضا .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني عشر : أنه كركبة عنز :

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني وأبو نعيم في المعرفة عن عباد بن عمر رضي الله تعالى عنه قال : كان خاتم النبوة على طرف كتف النبي صلى الله عليه وسلم الأيسر كأنه ركبة عنز ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن يرى الخاتم .

                                                                                                                                                                                                                              سنده ضعيف .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث عشر : أنه كبيضة حمامة مكتوب في باطنها : الله وحده لا شريك له . وفي ظاهره : توجه حيث شئت فإنك منصور .

                                                                                                                                                                                                                              رواه الحكيم الترمذي وأبو نعيم ، قال في المورد : وهو حديث باطل . ولهذا مزيد بيان في ثامن التنبيهات .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع عشر : أنه كنور يتلألأ .

                                                                                                                                                                                                                              رواه ابن عائذ - بعين مهملة ومثناة تحتية وذال معجمة . [ ص: 48 ]

                                                                                                                                                                                                                              الخامس عشر : أنه ثلاث شعرات مجتمعات .

                                                                                                                                                                                                                              ذكره أبو عبد الله محمد القضاعي - بضم القاف وبضاد معجمة وعين مهملة- رحمه الله تعالى في تاريخه .

                                                                                                                                                                                                                              السادس عشر : أنه عذرة كعذرة الحمامة . قال أبو أيوب : يعني قرطمة الحمامة .

                                                                                                                                                                                                                              رواه ابن أبي عاصم في سيرته .

                                                                                                                                                                                                                              السابع عشر : أنه كتينة صغيرة تضرب إلى الدهمة .

                                                                                                                                                                                                                              روي ذلك عن عائشة رضي الله تعالى عنها .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن عشر : أنه كشيء يختم به .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي شيبة عن عمرو بن أخطب أبي زيد الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال :

                                                                                                                                                                                                                              رأيت الخاتم على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هكذا بظفره . كأنه يختم .

                                                                                                                                                                                                                              التاسع عشر : أنه كان بين كتفيه صلى الله عليه وسلم كدارة القمر مكتوب فيها سطران : السطر الأول : لا إله إلا الله . وفي السطر الأسفل : محمد رسول الله . رواه أبو الدحداح أحمد بن إسماعيل الدمشقي رحمه الله تعالى في الجزء الأول من سيرته . قال في «المورد» و «الغرر» وهو باطل بين البطلان .

                                                                                                                                                                                                                              العشرون : أنه كبيضة نعامة . روى ابن حبان في صحيحه عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال : رأيت خاتم النبوة بين كتفيه صلى الله عليه وسلم كبيضة النعامة يشبه جسده .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ أبو الحسن الهيثمي في «مورد الظمآن» روى هذا في حديث الصحيح في صفته صلى الله عليه وسلم ولفظه : مثل بيضة الحمامة وهو الصواب .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : تبين من رواية مسلم «كركبة عنز» أن رواية ابن حبان غلط من بعض الرواة .

                                                                                                                                                                                                                              قلت : ورأيت في «إتحاف المهرة» للحافظ شهاب الدين البوصيري رحمه الله تعالى بخطه : «كركبة البعير» وبيض لاسم الصحابي وعزاه لمسند أبي يعلى وهو وهم من بعض رواته كأنه تصحف عليه كركبة عنز بركبة بعير .

                                                                                                                                                                                                                              ثم رأيت ابن عساكر روى الحديث في تاريخه من طريق أبي يعلى وسمى الصحابي عباد بن عمرو . [ ص: 49 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقال الحافظ في الإصابة في سنده من لا يعرف . قلت : وقد تقدم عنه في الثاني عشر أنه كركبة عنز . ولم أظفر به في مجمع الزوائد للهيثمي .

                                                                                                                                                                                                                              الحادي والعشرون : أنه غدة حمراء .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو الحسن بن الضحاك عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال : كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم غدة حمراء مثل بيضة الحمامة .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية