الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              قال الله تعالى : ألم نشرح لك صدرك [الشرح ] قال في الكشاف : استفهم عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار مبالغة في إثبات الشرح وإيجابه فكأنه قيل : شرحنا لك صدرك .

                                                                                                                                                                                                                              ولذلك عطف عليه «ووضعنا» اعتبارا للمعنى .

                                                                                                                                                                                                                              قال الطيبي : أي أنكر عدم الشرح فإذا أنكر ذلك ثبت الشرح لأن الهمزة للإنكار ، والإنكار نفي ، والنفي إذا دخل على النفي عاد إثباتا ، ولا يجوز جعل الهمز للتقرير .

                                                                                                                                                                                                                              قال الراغب رحمه الله تعالى : أصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر وهو بسطه بنور إلهي وسكينة من جهة الله وروح منه .

                                                                                                                                                                                                                              النقاش : الشرح التوسعة وكل ما وسعته فقد شرحته .

                                                                                                                                                                                                                              الراغب : الصدر الجارحة وجمعه صدور . قال بعض الحكماء : حيثما ذكر الله تعالى القلب فإشارة إلى العقل والعلم نحو : إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب [ق 37] وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى ونحوهما وقوله تعالى : رب اشرح لي صدري [طه 25] سؤال لإصلاح قواه وكذا : ويشف صدور قوم مؤمنين [التوبة 14] فإشارة إلى ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              مكي : المراد بالصدر القلب ، لأنه وعاء الفهم والعلم وإنما ذكر الصدر لقربه من القلب وامتزاجه به .

                                                                                                                                                                                                                              الحكيم الترمذي : ذكر الصدر دون القلب لأن محل الوسوسة في الصدر ، فأزال الله تلك الوسوسة وأبدلها بدواعي الخير وهي الشرح . وقيل القلب محل العقل والمعرفة وهو الذي [ ص: 59 ] يقصده الشيطان فإن الشيطان يجيء الصدر الذي هو حصن القلب فإذا وجد مسلكا أغار عليه فيضيق القلب ولا يجد للطاعة لذة ولا للإسلام حلاوة فإذا طرد العدو في الابتداء حصل الأمن وزال الضيق وانشرح الصدر وتيسر له القيام بأداء العبودية .

                                                                                                                                                                                                                              الأستاذ أبو علي الدقاق رحمه الله تعالى : كان موسى صلى الله عليه وسلم مريدا إذ قال : رب اشرح لي صدري وكان نبينا صلى الله عليه وسلم مرادا إذ قيل له ألم نشرح لك صدرك الإمام الرازي رحمه الله تعالى : وإنما لم يقل : ألم نشرح صدرك دون «لك» لوجهين :

                                                                                                                                                                                                                              أحدهما : أراد شرحته لأجلك كما تفعل أنت الطاعة لأجلي . الثاني : أن فيه تنبيها على أن منافع الرسالة عائدة إليه عليه الصلاة والسلام ، كأنه قيل إنما شرحنا لك صدرك لأجلك لا لأجلي .

                                                                                                                                                                                                                              وإنما قال «نشرح» بنون العظمة لأن عظمة المنعم تدل على عظمة النعمة ، وكان صلى الله عليه وسلم يضيق صدره من منازعة الجن والإنس فآتاه الله تعالى من آياته ما اتسع لكل ما حمله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              واختلف المفسرون في معنى الآية على أقوال : فقال الإمام البيضاوي رحمه الله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                              ألم نفسحه حتى وسع مناجاة الحق ودعوة الخلق وكان غائبا حاضرا أو : ألم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم وأزلنا عنه ضيق الجهل . أو : بما يسرناه لك من تلقي الوحي بعد ما كان يشق عليك .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : إنه إشارة إلى ما روي أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صباه أو يوم أخذ الميثاق فاستخرج قلبه فغسله فملأه إيمانا وعلما ولعله إشارة إلى نحو ما سبق انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              قال الشيخ رحمه الله تعالى في حواشيه : إن أراد بقوله «يوم الميثاق» يوم أخذه في عالم الذر فلا أصل له . وإن أراد به يوم بعث ونبئ . وبيض الشيخ هنا . قلت : وكأنه أراد : فله أصل .

                                                                                                                                                                                                                              كما سيأتي في المرة الثالثة .

                                                                                                                                                                                                                              ولا منافاة بين هذه الأقوال السابقة وبين شق صدره صلى الله عليه وسلم فإن من جملة شرح صدره شقه وإخراج ما فيه من أذى كما أشار إلى ذلك الحافظان أبو جعفر محمد بن جرير الطبري وابن كثير رحمهما الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                              وقد تكرر شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم أربع مرات :

                                                                                                                                                                                                                              الأولى : وهو صلى الله عليه وسلم صغير في بني سعد .

                                                                                                                                                                                                                              روى البيهقي عن إبراهيم بن طهمان - بفتح الطاء المهملة رحمه الله تعالى : قال :

                                                                                                                                                                                                                              سألت سعدا عن قوله تعالى : ألم نشرح لك صدرك فحدثني به عن قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : شق بطنه صلى الله عليه وسلم من عند صدره إلى أسفل بطنه فاستخرج قلبه إلخ . [ ص: 60 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ومسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه واستخرج القلب ثم شق القلب فاستخرج منه علقة فقال : هذا حظ الشيطان منك . ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه فأعاده مكانه . وجعل الغلمان يسعون إلى أمه- يعني ظئره- فقالوا : إن محمدا قد قتل فجاؤوه وهو منتقع اللون . قال أنس : فلقد كنت أرى أثر المخيط في صدره صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والدارمي والحاكم وصححه والطبراني والبيهقي وأبو نعيم ، عن عتبة بن عبد- بغير إضافة- السلمي رضي الله تعالى عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر ، فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا ولم نأخذ معنا زادا فقلت : يا أخي اذهب فائتنا بزاد من عند أمنا . فانطلق أخي ومكث عند البهم فأقبل إلي طائران كأنهما نسران فقال أحدهما لصاحبه : أهو هو ؟ قال : نعم فأقبلا يبتدرانني فأخذاني فبطحاني للقفا فشقا بطني ثم استخرجا قلبي شقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين فقال أحدهما لصاحبه : إيتني بماء ثلج فغسلا به جوفي- ثم قال : إيتني بماء برد فغسلا به قلبي . ثم قال : إيتني بالسكينة فذراها في قلبي . ثم قال أحدهما لصاحبه حصه . فحاصه وختم عليه بخاتم النبوة . وذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              تفسير الغريب

                                                                                                                                                                                                                              الظئر ومنتقع اللون . تقدما في شرح غريب قصة الرضاع . المخيط بكسر الميم : ما يخاط به . البهم وزن فلس- جمع بهمة وهي الصغير من أولاد الغنم .

                                                                                                                                                                                                                              نسران : تثنية نسر- طائر معروف والجمع أنسر ونسور مثل فلس وأفلس وفلوس .

                                                                                                                                                                                                                              ذراها بذال معجمة : حشياها .

                                                                                                                                                                                                                              حصه بحاء مهملة مضمومة : أي خطه يقال حاص الثوب يحوصه حوصا إذا خالطه .

                                                                                                                                                                                                                              المرة الثانية : وهو صلى الله عليه وسلم ابن عشر سنين .

                                                                                                                                                                                                                              روى عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد المسند بسند رجاله ثقات ، وابن حبان والحاكم وأبو نعيم وابن عساكر والضياء ، في «المختارة» عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قال : يا رسول الله ما أول ما ابتدئت به من أمر النبوة ؟

                                                                                                                                                                                                                              قال : إني لفي صحراء أمشي ابن عشر حجج إذا أنا برجلين فوق رأسي يقول أحدهما لصاحبه : [ ص: 61 ] أهو هو ؟ قال نعم . فأخذاني فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلق قط وأرواح لم أرها من خلق قط ، وثياب لم أرها على أحد قط ، فأقبلا إلي يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأخذهما مسا . فقال أحدهما لصاحبه : أضجعه . فأضجعاني بلا قصر ولا هصر وفي لفظ :

                                                                                                                                                                                                                              فقلباني لحلاوة القفا ثم شقا بطني . وفي لفظ فقال أحدهما لصاحبه : افلق صدره . فخوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع فكان أحدهما يختلف بالماء في طست من ذهب والآخر يغسل جوفي فقال أحدهما لصاحبه : افلق صدره فإذا صدري فيما أرى مفلوقا لا أجد له وجعا . ثم قال : شق قلبه فشق قلبي فقال : أخرج الغل والحسد منه . فأخرج شبه العلقة فنبذ به . ثم قال : أدخل الرأفة والرحمة في قلبه . فأدخل شيئا كهيئة الفضة . ثم أخرج ذرورا كان معه فذره عليه ثم نقر إبهامي ثم قال : اغد واسلم . فرجعت بما لم أغد به من رحمتي للصغير ورأفتي للكبير
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              تفسير الغريب

                                                                                                                                                                                                                              الحجج : بكسر الحاء وفتح الجيم الأولى السنون .

                                                                                                                                                                                                                              الأرواح : جمع ريح بمعنى الرائحة وهي عرض يدرك بحاسة الشم وهي مؤنثة يقال ريح ذكية .

                                                                                                                                                                                                                              بلا قصر : قصرت الثوب أي أرخيته بلا استرخاء . ولا هصر : قال في النهاية : هصر ظهره أي ثناه إلى الأرض . وأصل الهصر أن تأخذ برأس العود فتثنيه إليك وتعطفه .

                                                                                                                                                                                                                              حلاوة القفا : يأتي بيانه في بيان غريب المرة الثالثة .

                                                                                                                                                                                                                              خوى أحدهما إلى صدري : أي مال إليه .

                                                                                                                                                                                                                              ذرورا : بفتح الذال المعجمة .

                                                                                                                                                                                                                              المرة الثالثة : عند المبعث .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود الطيالسي والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما ، والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نذر أن يعتكف شهرا هو وخديجة . فوافق ذلك شهر رمضان فخرج ذات ليلة فسمع : السلام عليك . قال : فظننت أنها فجاءة الجن ، فجئت مسرعا حتى دخلت على خديجة فقالت : ما شأنك ؟ فأخبرتها فقالت :

                                                                                                                                                                                                                              أبشر فإن السلام خير . ثم خرجت مرة أخرى فإذا أنا بجبريل على الشمس له جناح بالمشرق [ ص: 62 ] وجناح بالمغرب فهلت منه فجئت مسرعا فإذا هو بيني وبين الباب فكلمني حتى أنست منه ثم وعدني موعدا فجئت له فأبطأ علي فأردت أن أرجع فإذا أنا به وبميكائيل قد سد الأفق فهبط جبريل وبقي ميكائيل بين السماء والأرض ، فأخذني جبريل فألقاني لحلاوة القفا ثم شق عن قلبي فاستخرجه ثم استخرج منه ما شاء الله أن يستخرج ثم غسله في طست من ماء زمزم ثم أعاده مكانه ثم لأمه ثم أكفأني كما يكفأ الإناء ثم ختم في ظهري حتى وجدت مس الخاتم في قلبي
                                                                                                                                                                                                                              . وذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              تفسير الغريب فجاءة الجن بالضم والمد ، وفي لغة بوزن تمرة : بغتة .

                                                                                                                                                                                                                              هلت منه : خفت وزنا ومعنى .

                                                                                                                                                                                                                              الأفق . بضم الهمزة والفاء : الناحية والجمع آفاق .

                                                                                                                                                                                                                              حلاوة القفا : بتثليث الحاء المهملة وحلاواه . فإن ضممت قصرت وهي وسط القفا .

                                                                                                                                                                                                                              أكفأني : قلبني .

                                                                                                                                                                                                                              المرة الرابعة : ليلة الإسراء .

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم والبرقاني بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وبالقاف والنون ، وغيرهما عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتيت وأنا في أهلي فانطلق بي إلى زمزم فشرح صدري ، ثم أتيت بطست من ذهب ممتلئا حكمة وإيمانا فحشي بهما صدري . قال أنس والنبي صلى الله عليه وسلم يرينا صدره . فعرج بي الملك إلى سماء الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر حديث المعراج .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والشيخان عن مالك بن صعصعة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال : بينما أنا في الحطيم وربما قال قتادة : في الحجر .

                                                                                                                                                                                                                              مضطجعا إذ أتاني آت فجعل يقول لصاحبه : الأوسط من الثلاثة . فأتاني فشق ما بين هذه إلى هذه . يعني من ثغرة نحره إلى شعرته . فاستخرج قلبي . فأتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا وحكمة فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد . ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه البخاري من طريق شريك عن أنس رضي الله تعالى عنه

                                                                                                                                                                                                                              والله أعلم . [ ص: 63 ]

                                                                                                                                                                                                                              ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

                                                                                                                                                                                                                              عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال : قلت يا رسول الله كيف علمت أنك نبي حتى علمت ذلك واستيقنت أنك نبي ؟ قال : يا أبا ذر أتاني ملكان وأنا في بعض بطحاء مكة فوقع أحدهما بالأرض وكان الآخر بين السماء والأرض ، فقال أحدهما لصاحبه ، هو هو ؟ فقال : هو هو . فقال : زنه برجل فوزنت برجل فرجحت . فقال : زنه بعشرة فوزنني بعشرة فوزنتهم . فقال :

                                                                                                                                                                                                                              زنه بمائة فوزنني بمائة فرجحتهم . ثم قال : زنه بألف . فوزنني بألف فرجحتهم فجعلوا ينتثرون علي من كفة الميزان . فقال أحدهما للآخر : لو وزنته بأمته رجحها . ثم قال أحدهما لصاحبه :

                                                                                                                                                                                                                              شق بطنه فشق بطني ثم قال أحدهما لصاحبه : اغسل قلبه فشق قلبي فأخرج منه مغمز الشيطان وعلق الدم فطرحهما ثم قال أحدهما لصاحبه : اغسل بطنه غسل الإناء واغسل قلبه غسل الملاءة ، ثم دعا بسكينة كأنها برهرهة بيضاء فأدخلت قلبي ، ثم قال أحدهما لصاحبه : خط بطنه . فخاط بطني فجعلا الخاتم بين كتفي فما هو إلا أن وليا عني فكأنما أعاين الأمر معاينة
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              رواه الدارمي والبزار والروياني وابن عساكر والضياء في المختارة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن يحيى بن جعدة رحمه الله تعالى : مرسلا . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ملكين جاءاني في صورة كركيين معهما ثلج وبرد وماء بارد فشق أحدهما صدري ومج الآخر بمنقاره فيه فغسله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم عن يونس بن ميسرة بن حلبس بمهملتين في طرفيه وموحدة وزن جعفر رحمه الله تعالى- مرسلا . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتاني ملك بطست من ذهب فشق بطني فاستخرج حشوة جوفي فغسلها ثم ذر عليه ذرورا ثم قال : قلب وكيع يعي ما وضع فيه عينان بصيرتان وأذنان تسمعان وأنت محمد رسول الله المقفي الحاشر ، قلبك سليم ولسانك صادق ونفسك مطمئنة وخلقك قيم وأنت قثم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارمي وابن عساكر ، عن ابن غنم - بغين معجمة مفتوحة فنون ساكنة- وهو [ ص: 64 ] مختلف في صحبته رضي الله تعالى عنه قال : نزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم فشق قلبه ثم قال جبريل : قلبك وكيع فيه أذنان سميعتان وعينان بصيرتان محمد رسول الله المقفي الحاشر خلقك قيم ولسانك صادق ونفسك مطمئنة .

                                                                                                                                                                                                                              ذكر غريب ما تقدم

                                                                                                                                                                                                                              ثغرة النحر : بالضم : وهي النقرة التي بين الترقوتين .

                                                                                                                                                                                                                              شعرته بكسر الشين المعجمة : العانة .

                                                                                                                                                                                                                              كفة الميزان : بتثليث الكاف والكسر أشهر .

                                                                                                                                                                                                                              مغمز الشيطان : بفتح الميم الأولى وإسكان الغين المعجمة وكسر الميم الثانية وآخره زاي ، وهو الذي يغمزه الشيطان من كل مولود ، إلا عيسى ابن مريم وأمه لقول أمها حنة :

                                                                                                                                                                                                                              وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم [آل عمران 36] قال السهيلي : ولا يدل هذا على أفضلية عيسى على نبينا صلى الله عليه وسلم فقد نزع ذلك منه وملئ حكمة وإيمانا بعد أن غسله روح القدس بالثلج والبرد .

                                                                                                                                                                                                                              الملاءة بالضم والمد : الإزار .

                                                                                                                                                                                                                              سكينة وبرهرة . سيأتي الكلام عليها .

                                                                                                                                                                                                                              حشوة بضم الحاء وكسرها : الأمعاء .

                                                                                                                                                                                                                              وكيع قال في النهاية : قلب وكيع : واع : أي متين محكم ومنه قولهم : سقاء وكيع إذا كان محكم الخرز .

                                                                                                                                                                                                                              قيم بمثناة تحتية . وقثم : بمثلثة . وتقدم الكلام عليهما في الأسماء .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية