الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ قلة استعمال الحقيقة فلا يفهم معناها إلا بقرينة ] قد يقل استعمال الحقيقة في معناها فتصير بحيث إذا أطلقت لا يفهم المعنى الذي كانت حقيقة فيه إلا بقرينة ، فتلحق بالمجاز كالغائط للمكان المطمئن ، فإنه حقيقة ثم هجر ، ويكثر استعمال اللفظ في المعنى الذي كان مجازا فيه فيصير بحيث إذا أطلق فهم منه ذلك المعنى من غير قرينة فيلتحق بالحقائق ; لأن استعمال هذه الألفاظ في معانيها تابع لاختيار الواضع والمستعمل ، لا لأنفسها . وحكى القاضي عبد الوهاب عن قوم منعوا ذلك ، وقالوا : لا يجوز أن تغير الحقيقة عن دلالتها لا بكثرة الاستعمال في مجازها ، ولا بقلته فيها ولا بغير ذلك ، وكذا منعوا أن يتغير المجاز عن دلالته بأن يصير يدل على المراد بلا قرينة . قالوا : ; لأن ذلك يوجب قلب دلالة الاسم ومعناه ، والأدلة لا تنقلب عما هي عليه .

                                                      [ ص: 113 ] قال القاضي . وهذا باطل للقطع بأن وضع هذه الألفاظ ليس عن علة عقلية أو دليل عقلي ، وإنما حصل الاتفاق بالمواطأة ، وذلك يدل على أنه لو اتفق على تسمية كل مسمى بغير اسمه لدل عليه ، كدلالة اليوم على ما اتفق عليه ، وقولهم : إنه يوجب قلب الأدلة فذلك في الأدلة القطعية أما ما ثبت بالمواطأة والمواضعة فلا يمنع ذلك . وقال صاحب " المصادر " : ما ذكرناه من صيرورة المجاز حقيقة ، والحقيقة مجازا إنما نجوزه قبل نزول القرآن واستقرار حكمه ، فأما بعد نزوله فلا ، وإلا لانسد علينا طريق معرفة الله بمراد خطابه ، ويتطرق الوهم إلى الحقائق . ا هـ .

                                                      والمشهور الجواز مطلقا .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية