الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      ثم قال : وأقسام الأوامر كثيرة لا تكاد تنضبط كثرة وكلها تعرف بمخارج الكلام وسياقه وبالدلائل التي يقوم عليها ، ثم تكلم على القرائن السابقة في حمل الصيغة على ما سبق . قال : وكل ما كان من باب المعاملات والمعاوضات فالأمر فيه إرشاد وحظر وإباحة ، كالأمر بالكتابة بالبيع ، وقوله : [ ص: 285 ] { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه } أي إن شئتم ، ولهذا قال : { فمن تصدق به فهو كفارة له } قال : وكل ما جاز أن يستدل به على خصوص العام جاز أن يستدل به على أن الأمر ليس للوجوب . قال : وقد ترد الآية الواحدة بأمرين مختلفين لمعنيين نحو قوله : { كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده } وقوله : { فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة } وقوله : { فكاتبوهم } ثم قال : { وآتوهم } . وقال الأستاذ أبو منصور البغدادي : أجمعوا على أنها متى كانت بمعنى الطلب والشفاعة ، أو التعجيز أو التهديد أو الإهانة أو التقريع أو التسليم والتحكيم لم يكن أمرا ، وأما التكوين فقد سماه أصحابنا أمرا ، كقوله تعالى : { كن فيكون } . وأجمعوا على أنه بمعنى الإيجاب أمر ، واختلفوا في الندب والترغيب لاختلافهم في الأمر بالنوافل ، فذهب الجمهور إلى أنه مأمور به ، وقال بعض أصحابنا : إنه غير مأمور به ، والأول : أظهر . واختلفوا فيه بمعنى الإباحة ، فقال الجمهور : هو غير مأمور به ، وقال طائفة من معتزلة بغداد : إنه مأمور به . انتهى . إذا علمت هذا فلا خلاف أنها ليست حقيقة في جميع هذه المعاني ; لأن أكثرها لم يفهم من صيغة " افعل " لكن بالقرينة ، وإنما الخلاف في بعضها . قال الإمام : الخلاف في أمور خمسة منها ، وهي الأحكام الخمسة وليس كما زعم ، لما سيأتي .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية