الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وتعتبر رؤية كل شيء على ما يليق به ) عرفا وضبطه في الكافي بأن يرى منه ما يختلف معظم المالية باختلافه فيرى في الدار والبستان والحمام كل ما اشتملت عليه حتى البالوعة والطريق ومجرى ماء تدور به الرحا وفي السفينة رؤية جميعها [ ص: 270 ] حتى ما في الماء منها كما شمله كلامهم ؛ لأن بقاءها فيه ليس من مصلحتها ، وفي الأمة والعبد ما عدا ما بين السرة والركبة كالشعر وفي الدابة جميع أجزائها لا لسان حيوان ولو آدميا ، وأسنانه ، وإجراء نحو فرس قال غير واحد وباطن حافر ، وقدم خلافا للأزرق ومن ثم أطلقوا أنه لا يشترط قلع النعل ويشترط في ثوب مطوي نشره ، ورؤية وجهيه إن اختلفا كبساط وكل منقش ، وإلا ككرباس كفت رؤية أحدهما ( والأصح إن وصفه ) أي المعين الذي يراد بيعه ( بصفة السلم لا يكفي ) عن رؤيته ، وإن بالغ فيه ووصل إليه من طريق التواتر المفيد للعلم الضروري ؛ لأن الملحظ في اشتراط الرؤية الإحاطة بما لم تحط به العبارة من دقيق الأوصاف التي يقصر التعبير عن تحقيقها ، وإيصالها للذهن ، ومن ثم ورد { ليس الخبر كالعيان } بكسر العين وروى كثيرون منهم أحمد وابن حبان خبر { يرحم الله موسى ليس المعاين كالمخبر أخبره ربه تبارك وتعالى أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح فتكسر منها ما تكسر } وبقولي المعين علم أن هذا لا يخالف ما يأتي له أول السلم في ثوبا صفته كذا ؛ لأنه في موصوف في الذمة وعلم مما تقرر أن كل عقد اشترطت فيه الرؤية لا يصح من الأعمى قال الزركشي إلا شراء من يعتق عليه وبيعه عبده من نفسه ؛ لأن مقصوده العتق وفيه وقفة لاقتضائه أن البصير مثله في ذلك على أنه لا ضرورة به إليه لإمكان توكيله ، وأن ما لا يشترط فيه يصح منه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              [ ص: 270 ] قول المتن ( وتعتبر رؤية كل شيء إلخ ) ، وإن اختلفا في الرؤية فالقول قول مدعيها بيمينه ؛ لأن الإقدام على العقد اعتراف بصحته ، وهو على القاعدة في دعوى الصحة والفساد من تصديق مدعيها مغني ونهاية ( قوله : عرفا ) إلى المتن في النهاية ( قوله : فيرى ) إلى المتن في المغني إلا قوله قال إلى ويشترط ( قوله : والطريق ) أي التي يتوصل منها إليها والسقوف والسطوح والجدران والمستحم نهاية ومغني ( قوله : ومجرى ماء يدور إلخ ) أي إذا اشتمل ما اشتراه على رحا يدور بالماء قال النهاية وكذا يشترط رؤية الماء الذي تدور به الرحا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفي السفينة رؤية جميعها إلخ ) أي ولو كبيرة جدا كالملاحي ولو احتيج في رؤيتها إلى صرف دراهم لمن يقلب السفينة من جانب إلى آخر لتتأتى رؤيتها لم تجب على واحد منهما بعينه بل إن أراد المشتري التوصل إلى الرؤية ، وفعل ذلك كان تبرعا منه أو أراد [ ص: 270 ] البائع ذلك لإراءة المشتري أو لرؤية نفسه ليصح البيع لم يرجع بما صرفه على المشتري نعم لو استحال قلبها ورؤية أسفلها فينبغي الاكتفاء بظاهرها مما لم يستره الماء وجميع الباطن فلو تبين بعد تغيرها ثبت له الخيار . ا هـ . ع ش ( قوله : حتى ما في الماء منها ) ولا تكفي رؤيته في الماء ولو صافيا . ا هـ ع ش ( قوله : جميع أجزائها ) حتى شعرها فيجب رفع الجل والسرج والإكاف . ا هـ . مغني ( قوله : لا لسان حيوان ) لا هنا بمنزلة إلا . ا هـ . ع ش ( قوله : وإجراء نحو فرس ) عبارة المغني ولا يشترط إجراؤها أي الدابة ليعرف سيرها . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : للأزرق ) بلا ياء وفي بعض نسخ النهاية للأزرقي بالياء ( قوله : نشره ) ليرى الجميع ولو لم ينشر مثله إلا عند القطع . ا هـ مغني ( قوله : ككرباس ) المراد به ما لا يختلف وجهاه ولو كان أقمشة رفيعة . ا هـ . بجيرمي وفي النهاية والمغني ولا يصح بيع اللبن في الضرع ، وإن حلب منه شيء ورئي قبل البيع للنهي عنه ولاختلاطه بالحادث ولعدم تيقن وجود قدر اللبن المبيع ولعدم رؤيته ولا بيع الصوف قبل جزه أو تذكيته لاختلاطه بالحادث ولأن تسليمه إنما يمكن باستئصاله ، وهو مؤلم للحيوان فإن قبض قطعة ، وقال بعتك هذه صح قطعا ولا بيع الأكارع والرءوس قبل الإبانة ولا المذبوح أو جلده أو لحمه قبل السلخ أو السمط لجهالته وكذا مسلوخ لم ينق جوفه كما قاله الأذرعي وبيع وزنا فإن بيع جزافا صح بخلاف السمك والجراد فيصح مطلقا لقلة ما في جوفه ولو باع ثوبا على منسج قد نسج بعضه على أن ينسج البائع باقيه لم يصح جزما . ا هـ . قال ع ش قوله : م ر والرءوس قبل الإبانة أي ولو من المذبوح لاستتار بعض أجزائه قبل القطع ، وقوله : لجهالته أي جهالة المقصود منه فإن الجلد يختلف ثخنا ورقة وكذلك أجزاء الحيوان ، وقوله : فيصح مطلقا أي وزنا وجزافا ظاهره ، وإن كان كبيرا وكثر ما في جوفه ولا ينافيه قوله : لقلة ما في إلخ ؛ لأن المراد أن من شأنه القلة ، وقوله : على منسج كمذهب ومجلس وبابه ضرب . انتهى . مختار ، وقوله : على أن ينسج البائع أو غيره . ا هـ . ع ش .

                                                                                                                              وقال الرشيدي قوله : قبل السلخ أي لما يسلخ ، وقوله : أو السمط أي لما يسمط . ا هـ . ( قوله : أي المعين ) إلى قوله وروى في المغني ، وإلى قوله لكن الذي إلخ في النهاية إلا قوله وروى إلى وبقولي ، وقوله وفيه وقفة إلى المتن ، وقوله قيل ( قوله : ليس المعاين كالمخبر ) الأول بصيغة اسم الفاعل والثاني بصيغة اسم المفعول وفي بعض النسخ كالخبر بلا ميم وعليه فالأول بفتح الياء مصدر ميمي فإن ما كان من المزيد بصيغة المفعول استوى فيه المصدر واسم الزمان والمكان والمفعول ويتعين المراد بالقرائن . ا هـ ع ش ( قوله : في ثوبا صفته إلخ ) بالنصب على الحكاية وفي النهاية في ثوب ا هـ بالجر ( قوله : قال الزركشي إلخ ) اعتمده النهاية والمغني ( قوله : إلا شراء من يعتق عليه ) أي ولو شراء غير ضمني ، وقوله : من يعتق عليه أي يحكم بعتقه عليه فيدخل فيه من أقر بحريته أو شهد بها وردت شهادته . ا هـ ع ش ( قوله : لاقتضائه أن البصير إلخ ) ظاهر النهاية اعتماده ( قوله : أن البصير مثله في ذلك ) معتمد . ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية