الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا تحالفا ) عند الحاكم وألحق به المحكم فخرج تحالفهما بأنفسهما فلا يؤثر فسخا ولا لزوما ( فالصحيح أن العقد لا ينفسخ ) بنفس التحالف للخبر الثاني فإن تخييره فيه بعد الحلف صريح في عدم الانفساخ به ولأن البينة أقوى من اليمين ، ولو أقام كل منهما بينة لم ينفسخ فالتحالف [ ص: 479 ] أولى ( بل إن ) أعرضا عن الخصومة أعرض عنهما ، ولا يفسخ ، وإن ( تراضيا ) على ما قاله أحدهما أقر العقد وينبغي للحاكم ندبهما للتوافق ما أمكن ، ولو رضي أحدهما بدفع ما طلبه صاحبه أجبر الآخر عليه قال القاضي ، وليس له الرجوع عن رضاه كما لو رضي بالعيب ( وإلا ) يتفقا على شيء ولا أعرضا عن الخصومة ( فيفسخانه ، أو أحدهما ) ؛ لأنه فسخ لاستدراك الظلامة فأشبه الفسخ بالعيب ( أو الحاكم ) لقطع النزاع ثم فسخ القاضي والصادق منهما ينفذ ظاهرا وباطنا كما لو تقايلا وغيره ينفذ ظاهرا فقط ورجح ابن الرفعة أنه لا يجب هنا فور في الفسخ ويشكل عليه ما تقرر من إلحاقه بالعيب إلا أن يفرق بأن التأخير هنا لا يشعر بالرضا للاختلاف في وجود المقتضي بخلافه ثم ونازع الإسنوي في القياس على الإقالة الذي نقله الشيخان وأقراه بأن كلا لو قال ولو بحضرة صاحبه بعد البيع فسخته لم ينفسخ ولم يكن إقالة ، وإنما تحصل الإقالة إن صدرت بإيجاب وقبول بشرط أن يكون المتأخر جوابا متصلا . ورد بأن تمكين كل بعد التحالف من الفسخ كتراضيهما به من غير سبب وقد مر أنه في معنى الإقالة فصح القياس .

                                                                                                                              ( تنبيه ) ظاهر قوله بل إلخ أنه لو بادر أحدهما عقب التحالف بالفسخ لم ينفذ ويوافقه اشتراط غيره للفسخ إصرار أحدهما بعد التحالف على تنازعهما وقضية تعبير بعضهم بأن لهما الفسخ ما لم يتراضيا نفوذه ، ويؤيده ما تقرر في أن الفسخ هنا كهو بالعيب ، وفي رد كلام الإسنوي ، وهو متجه ، وعليه فقد يقال المتن لا ينافي هذا ؛ لأنه يصدق مع تلك المبادرة أنهما لم يتراضيا على شيء وإذا جاز الفسخ فلكل الابتداء به كما أفهمته ، أو ، وبه صرح الرافعي ونازع فيه السبكي وكأنه أخذ نزاعه مما مر في الابتداء بأحدهما في التحالف ويفرق بأن التحالف هو السبب المجوز للفسخ فاختلف الغرض في الابتداء به بخلاف الفسخ المتفرع عليه ( وقيل إنما يفسخه الحاكم ) ؛ لأنه مجتهد فيه كالفسخ بالعنة كذا قاله الرافعي وقضية تشبيهه له بالعنة أنه يأتي هنا ما يأتي فيها من اشتراط فسخه ، أو الفسخ بحضرته وحينئذ فالحصر فيه تجوز وكأنهم إنما اقتصروا في الكتابة على فسخ الحاكم احتياطا لتسبب العتق المتشوف إليه الشارع

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : بعد الحلف ) قد يقال التخيير بعد الحلف لا يقتضي التخيير بعد التحالف [ ص: 479 ] قوله : لم ينفسخ ) أي : والحال أنه لا خيار ، ولا عيب كما هو ظاهر ( قوله : كتراضيهما به ) عبارة المنهج ثم أي بعد تحالفهما إن أعرضا ، أو تراضيا ، وإلا فإن سمح أحدهما أجبر الآخر ، وإلا فسخاه أو أحدهما ، أو الحاكم انتهى



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : عند الحاكم ) إلى قوله ويشكل في المغني ( قوله : فخرج تحالفهما بأنفسهما إلخ ) ومثله فيما ذكر جميع الأيمان التي يترتب عليها فصل الخصومة فلا يعتد بها إلا عند الحاكم ، أو المحكم ا هـ ع ش ( قوله : بنفس التحالف ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله : قال القاضي إلى المتن ، وقوله : من غير سبب إلى فصح ( قوله : للخبر الثاني ) أي : من الخبرين السابقين أول الباب ( قوله : فإن تخييره فيه ) أي : تخيير المشتري في الخبر الثاني ( قوله : بعد الحلف ) قد يقال التخيير بعد الحلف لا يقتضي التخيير بعد التحالف ا هـ سم ، وقد يجاب بأن الحلف أقوى من التحالف فيقاس الثاني على الأول بالأولى ( قوله : ولو أقام كل إلخ ) من تتمة قوله ولأن البينة أقوى إلخ فالواو فيه للحال رشيدي ( قوله : فالتحالف إلخ ) عبارة النهاية والمغني فبالتحالف [ ص: 479 ] بالباء إلخ ( قوله : ولا أعرضا عن الخصومة ) عبارة النهاية والمغني واستمر النزاع ( قوله : أقر العقد ) جواب ، وإن تراضيا ( قوله : ولو رضي أحدهما إلخ ) أي : وبقي الآخر على النزاع ا هـ بجيرمي ( قوله : أجبر الآخر ) فإن قلت كيف يجبر عليه مع أنه مدعاه ومطلوبه أجيب بأن معنى إجباره إجباره على بقاء العقد فليس له الفسخ حينئذ ا هـ بجيرمي قال ع ش هذا يشعر بأنه لو بادر أحدهما للفسخ عقب التحالف لم ينفسخ ، وفي كلام حج أن الاستمرار ليس بشرط وظاهره أنه إذا بادر أحدهما وفسخ انفسخ ا هـ ، وقوله : وفي كلام حج إلخ يعني به ما يأتي في التنبيه ( قوله : فسخ القاضي والصادق منهما إلخ ) أي : وفسخهما معا ا هـ مغني ( قوله : وغيره ) يعني فسخ غير الصادق منهما .

                                                                                                                              ( قوله : ينفذ ظاهرا فقط ) أي : لا باطنا لترتبه على أصل كاذب ، وطريق الصادق إنشاء الفسخ إن أراد الملك فيما عاد إليه فإن أنشأه أيضا فذاك ، وإلا فقد ظفر بمال من ظلمه فيتملكه إن كان من جنس حقه ، وإلا فيبيعه ويستوفي حقه من ثمنه ، وللمشتري وطء الجارية حال النزاع وقبل التحالف على الأصح لبقاء ملكه ، وفي جوازه فيما بعده وجهان أوجههما كما قال شيخنا جوازه ا هـ مغني ، قوله : وللمشتري إلخ في النهاية مثله وظاهر أن جواز الوطء إنما هو إذا لم يتعمد الكذب ، واعتقد أنها المشتراة ( قوله : أنه لا يجب هنا فور ) اعتمده المغني والنهاية أيضا ( قوله : للاختلاف في وجود المقتضي ) أي : مقتضي الفسخ فإن الاختلاف فيه يكون سببا للتأخير ا هـ كردي ( قوله : ونازع الإسنوي إلخ ) عبارة النهاية ومنازعة الإسنوي في قياس ما تقرر على الإقالة الذي إلخ مردودة بأن إلخ قال ع ش قوله : م ر وما تقرر أي : من أن لكل الفسخ بعد التحالف ا هـ قال الرشيدي حاصل منازعته أن قياس الإقالة أنه لا يصح الفسخ من أحدهما دون الآخر وأنه لا بد من فسخهما معا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في القياس على الإقالة ) أي : بالنسبة لجواز استقلال أحدهما بالفسخ كما يعلم من جوابه ا هـ رشيدي ( قوله : لم ينفسخ ) أي : والحال أنه لا خيار ولا عيب ا هـ سم ( قوله : بإيجاب ) أي : خاص بالإقالة ا هـ كردي ( قوله : جوابا متصلا ) أي بالإيجاب بأن لا يتخلل بينهما كلام أجنبي وسكوت طويل على ما مر ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله بأن تمكين كل ) أي : هنا ع ش ( قوله : من الفسخ ) متعلق بالتمكين ( قوله : كتراضيهما ) زاد النهاية أي : بلفظ الإقالة ا هـ قال الرشيدي قوله : أي بلفظ الإقالة أشار به إلى رد ما ذهب إليه الشهاب ابن حجر تبعا لما نقله الشيخان في بعض المواضع من أن لهما التراضي على الفسخ من غير سبب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وقد مر أنه ) أي : تراضيهما بالفسخ من غير سبب ( قوله : لم ينفذ إلخ ) هذا ظاهر النهاية والمغني كما مر ( قوله إصرارهما ) مفعول الاشتراط وقوله : ( على تنازعهما ) متعلق بالإصرار قوله : ( ويؤيده ) أي : النفوذ ، وكذا قوله : وهو متجه ، وقوله : ( وعليه ) ، وقوله : لا ينافي هذا ( قوله ولكل الابتداء به ) وفاقا للنهاية ( قوله : وكأنه أخذ نزاعه إلخ ) إن كان النزاع في الندب اتجه أن يكون مأخذه ما مر لما مر أن الخلاف ثم في الندب ا هـ سيد عمر ( قوله : ويفرق ) أي : بين الابتداء بالحلف والابتداء بالفسخ ( قوله : فاختلف الغرض إلخ ) محل تأمل ( قوله : فسخه ) أي الحاكم ( قوله : فالحصر ) أي : بإنما وقوله : ( فيه ) أي : الحصر خبر مقدم لقوله تجوز ( قوله وكأنهم اقتصروا في الكتابة إلخ ) لكن صريح كلام الشارح م ر في باب الكتابة أنها كغيرها من أن الفاسخ الحاكم ، أو هما أو أحدهما ع ش وحلبي




                                                                                                                              الخدمات العلمية