الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) الزيادة ( المنفصلة ) عينا ومنفعة ( كالولد والأجرة لا تمنع الرد ) عملا بمقتضى العيب نعم ولد الأمة الذي لم يميز يمنع الرد بناء على ما مر من حرمة التفريق بينهما به فيجب الأرش وإن لم يحصل يأس لأن تعذر الرد بامتناعه [ ص: 386 ] ولو مع الرضا صيره كالمأيوس منه ( وهي للمشتري ) في المبيع وللبائع في الثمن ( إن رد بعد القبض ) للحديث الصحيح { أن رجلا ابتاع غلاما واستعمله مدة ثم رأى فيه عيبا وأراد رده فقال البائع يا رسول الله قد استعمل غلامي فقال صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان } ومعناه أن ما يخرج من المبيع من غلة وفائدة تكون للمشتري في مقابلة أنه لو تلف لكان من ضمانه أي لتلفه على ملكه فالمراد بالضمان في الخبر الضمان المعتبر بالملك إذ آل فيه لما ذكره البائع له صلى الله عليه وسلم وهو ما ذكر فقط فخرج البائع قبل القبض والغاصب فلا يملك فوائده لأنه لا ملك له وإن ضمنه لأنه لوضع يده على ملك غيره بطريق مضمن ( وكذا ) تكون الزيادة له إن رد ( قبله في الأصح ) بناء على الأصح أن الفسخ يرفع العقد من حينه لا من أصله ( ولو باعها ) أي البهيمة أو الأمة ( حاملا فانفصل ) الحمل ولم تنقص أمه بالولادة أو كان جاهلا بالحمل واستمر جهله إلى الوضع وإن نقصت بها لما مر أن الحادث بسبب متقدم كالمتقدم ( رده ) لأن الحمل يعلم ويقابله قسط من الثمن ( معها في الأظهر ) لوجود المقتضي بلا مانع بخلاف ما إذا نقصت بها وعلم بالحمل فلا يردها قهرا بل له الأرش كسائر العيوب الحادثة وخرج بباعها حاملا ما لو باعها حائلا ثم حملت ولو قبل القبض فإن الولد للمشتري [ ص: 387 ] بخلاف نظيره في الفلس فإن الولد للبائع والفرق أن سبب الفسخ هناك نشأ من المشتري وهو تركه توفية الثمن وهنا من البائع وهو ظهور العيب الذي كان موجودا عنده .

                                                                                                                              قال الماوردي وغيره وللمشتري حبس الأم حتى تضعه ، وحمل الأمة بعد القبض يمنع الرد القهري لأنه عيب فيها وكذا حمل غيرها إن نقصت به ، ونحو البيض كالحمل وبانفصل ما لو كانت بعد حاملا فإنه يردها جزما والطلع كالحمل والتأبير كالوضع فلو أطلعت في يده ثم ردها بعيب كان الطلع للمشتري على الأوجه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قول المصنف وهي للمشتري ) عبارة المنهج وهي لمن حدثت في ملكه قال في شرحه من مشتر أو بائع وإن رد قبل القبض لأنها فرع ملك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فخرج البائع ) أي فإنه لم يضمنه لو تلف لأنه ملكه وإن تلف على ملكه فليتأمل ( قول المصنف وكذا قبله في الأصح ) قال الزركشي لأنها حدثت في ملكه كما بعد القبض والثاني المنع لمفهوم الحديث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو كان جاهلا بالحمل إلخ ) فيه بحثان أحدهما أنه يرد على هذا أن الحمل يتزايد شيئا فشيئا فهو كالمرض إذا مات منه عند المشتري فالمتجه أنه لا رد مطلقا والثاني أن ما ذكره هنا مخالف لما ذكره في شرح قول المصنف السابق إلا أن يستند إلى سبب متقدم إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : فإن الولد للمشتري وقوله الآتي ) قال الماوردي وغيره إلخ - [ ص: 387 ] ظاهر هذا الكلام أنه بعد الوضع يردها ويمسك الولد لأنه ملكه وقد يستشكل في ولد الآدمية للزوم التفريق الممتنع بل وفي ولد غيرها للزوم التفريق قبل الاستغناء عن اللبن بغير الذبح إلا أن يجاب باغتفار ذلك هنا لكون ملك المشتري كذلك قهريا لا اختياريا أو بأن الملك والرد حصل قبل الانفصال ولا تفريق حسي حينئذ ولا يضر حصوله بعد للضرورة فليتأمل وفي الروض وشرحه وكذا أي للمشتري الولد المنفصل الحادث بعد العقد ثم قال في الروض ويجوز التفريق بينهما بالرد للحاجة ا هـ وبين في شرحه أن الأصح امتناع الرد وتعين الأرش ثم قال في الروض وإذا حملت أي بعد الشراء قبل القبض وردت بالعيب حاملا فالولد للمشتري ا هـ وفيه تصريح بجواز رد الحامل حال الحمل وإن كان فيه تفريق قال في شرحه وإذا قلنا الحمل هنا للمشتري قال الماوردي وغيره فله حبس أمه حتى تضع ا هـ ثم قال في الروض وكذا بعد القبض أي وكذا إذا حملت به بعد القبض يكون للمشتري ولكن حمل الأمة بعد القبض يمنع الرد كرها وكذا غيرها إن نقص به ا هـ .

                                                                                                                              وحاصل ذلك كما ترى أن الحمل الحادث بعد العقد وقبل القبض للمشتري ثم إن انفصل امتنع التفريق على الأصح وإن لم ينفصل جاز بخلاف الحادث بعد القبض فحدوثه حينئذ يمنع الرد قهرا في الأمة مطلقا وفي غيرها إن نقصت أي وأما بالرضا فيجوز أي ما لم ينفصل حمل الأمة وإلا امتنع التفريق أخذا مما تقدم فإن قلت ما ذكرته في قول الروض أنها إذا حملت قبل القبض وردت بالعيب حاملا كان الولد للمشتري من أن فيه تصريحا بجواز الرد وإن كان فيه تفريق مبني على أن كلام الروض في حمل الآدمية أيضا وهو ممنوع لجواز أن يكون في حمل البهيمة قلت قوله بعده وكذا بعد القبض لكن حمل الأمة إلخ صريح في أنه أراد أولا ما يشمل الآدمية كما لا يخفى [ ص: 388 ] على متأمل عبارته ولعل وجه الجواز انتفاء التفريق بالفعل عند الرد فإنه إنما يتحقق عند الانفصال وأخذ المشتري إياه فتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : عينا ) إلى قول المتن ولو باعها في النهاية وكذا في المغني إلا قوله فيجب الأرش إلى المتن . قول المتن ( كالولد والأجرة ) أي وكسب الرقيق وركاز وجده أي الرقيق وما وهب له فقبله وقبضه وما وصي له به فقبله ومهر الجارية إذا وطئت بشبهة وجمع المصنف بين الولد والأجرة ليعرفك أنه لا فرق في عدم امتناع الرد بين أن تكون من نفس المبيع كالولد أم لا كالأجرة خلافا لأبي حنيفة وإنما مثل للمتولد من نفس المبيع بالولد بخلاف الثمرة وغيرها ليعرفك أنها تبقى له وإن كانت من جنس الأصل خلافا لمالك مغني ونهاية ( قوله : ولد الأمة الذي لم يميز إلخ ) ومثله ولد البهيمة الذي لم يستغن عن اللبن ا هـ ع ش ( قوله : لأن تعذر الرد إلخ ) يتأمل هذا فإنه لو خرج عن ملكه لا يستحق الأرش لإمكان عوده إليه مع امتناع رده فقياسه هنا أنه لا يستحق الأرش لإمكان رد المبيع بعد تمييز الولد ا هـ ع ش ( قوله : بامتناعه ) أي الرد ا هـ ع ش والأولى أي التفريق وكذا الضمير المنصوب [ ص: 386 ] في صيره والمجرور في منه .

                                                                                                                              ( وقوله : مع الرضا ) أي رضا البائع قول المتن ( وهي للمشتري ) عبارة المنهج وهي لمن حدثت في ملكه قال في شرحه من مشتر أو بائع وإن رد قبل القبض لأنها فرع ملكه انتهى ا هـ سم قول المتن ( إن رد ) أي المبيع في الأولى والثمن في الثانية نهاية ومغني قول المتن ( بعد القبض ) سواء أحدثت قبل القبض أم بعده نهاية ومغني ( قوله : للحديث الصحيح إلخ ) أي وقيس على المبيع الثمن ا هـ مغني ( قوله : يخرج ) أي يحصل ( قوله : ما ذكر ) أي ضمان ما ملكه بالاشتراء ا هـ ع ش ( قوله : فخرج البائع إلخ ) أي خرج بالمراد المذكور البائع قبل القبض والغاصب أي فلا يرد على الخبر أن كلا من البائع قبل قبض المشتري المبيع منه والغاصب لو وقع التلف تحت يده فالضمان عليه وليس له الخراج والفوائد ( قوله : فلا يملك إلخ ) أي كل من البائع المذكور والغاصب ( قوله : لأنه إلخ ) تعليل للخروج ( قوله : لأنه لوضع إلخ ) يعني أن وجوب الضمان فيما ذكر ليس لكون المبيع والمغصوب ملكا لمن ذكر بل لوضع يده على ملك غيره وهو المشتري والمغصوب منه ( قوله : بطريق مضمن ) وهو الشراء ا هـ ع ش أي والغصب .

                                                                                                                              قول المتن ( وكذا قبله في الأصح ) قال الزركشي لأنها حدثت في ملكه كما بعد القبض والثاني المنع لمفهوم الحديث انتهى ا هـ سم ( قوله : أي البهيمة ) إلى قوله ويوجه في المغني وكذا في النهاية إلا ما يأتي في جهل الحمل . قول المتن ( حاملا ) أي وهي معيبة مثلا نهاية ومغني أي أو سليمة وتقايلا أو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض ا هـ ع ش وقال الرشيدي أدخل بقوله مثلا ما إذا اشتراها سليمة ثم طرأ العيب قبل القبض ولا يصح إدخال ما لو كان الرد بخيار المجلس أو الشرط مثلا لأنه يأباه السياق مع قول المصنف السابق لا تمنع الرد ا هـ . قول المتن ( فانفصل إلخ ) ولو انفصل قبل القبض فللبائع حبسه لاستيفاء الثمن وليس للمشتري بيعه قبل القبض كلامه ا هـ مغني ( قوله : أو كان جاهلا إلخ ) ضعيف والمعتمد أنه إذا نقصت أمه بالولادة لا يرد مطلقا علم الحمل أو جهله ا هـ ع ش عبارة سم فيه بحثان أحدهما يرد على هذا أن الحمل يتزايد شيئا فشيئا فهو كالمرض إذا مات منه عند المشتري فالمتجه أنه لا رد مطلقا والثاني ما ذكره هنا مخالف لما ذكره في شرح قول المصنف السابق إلا أن يستند إلى سبب متقدم إلخ ا هـ وقوله : والثاني إلخ في البصري مثله .

                                                                                                                              ( قوله : وإن نقصت بها لما مر إلخ ) نبه عليه الإسنوي وغيره واعترض بأن الصواب ما أطلقه الشيخان هنا من عدم الفرق أي في عدم الرد بين حالة العلم وحالة الجهل وإن كان النقص حصل بسبب جرى عند البائع وهو الحمل ويفرق بينه وبين القتل بالردة السابقة والقطع بالجناية السابقة إلخ ا هـ نهاية قال الرشيدي قوله : م ر واعترض بأن الصواب إلخ أي فالحاصل أنه يتعين تصوير المتن بما إذا لم تنقص بالولادة أصلا ا هـ وقال ع ش قوله : م ر من عدم الفرق إلخ معتمد خلافا لحج ا هـ أي والمغني ( قوله : لأن الحمل إلخ ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله : وعلم بالحمل ) قد مر أنه ليس بقيد ع ش ( قوله : ولو قبل القبض ) ظاهره ولو في زمن خيار المشتري بل ولو فسخ بموجب الشرط وهو كذلك ومحله حيث حدث بعد انقطاع خيار البائع إن كان وإلا فهو له وإن تم العقد للمشتري كما قدمناه ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : فإن الولد للمشتري ) ( وقوله الآتي : قال الماوردي وغيره إلخ ) ظاهر هذا الكلام أنه بعد الوضع يردها ويمسك الولد لأنه ملكه وقد يستشكل في ولد الآدمية للزوم التفريق الممتنع بل وفي ولد غيرها للزوم التفريق قبل الاستغناء عن اللبن بغير الذبح إلا أن يجاب باغتفار ذلك هنا لكون ملك المشتري لذلك قهريا [ ص: 387 ] لا اختياريا وبأن الملك والرد حصل قبل الانفصال ولا تفريق حسي حينئذ ولا يضر حصوله بعد للضرورة وفي الروض وشرحه ما حاصله أن الحمل الحادث بعد العقد وقبل القبض للمشتري ثم إن انفصل امتنع التفريق وتعين الأرش على الأصح وإن لم ينفصل جاز بخلاف الحادث بعد القبض فحدوثه حينئذ يمنع الرد قهرا في الأمة مطلقا وفي غيرها إن نقصت أي وأما بالتراضي فيجوز أي ما لم ينفصل حمل الأمة وإلا امتنع التفريق أخذا مما تقدم ا هـ سم ( قوله : بخلاف نظيره في الفلس ) أي فيما لو اشترى عينا ثم حجر عليه قبل دفع ثمنها وقد حملت في يده فإذا رجع البائع فيها تبعها الحمل ا هـ ع ش ( قوله : قال الماوردي إلخ ) ولا يحرم التفريق بعد الوضع الحاصل عند البائع بعد الرد لأنه لم يحصل بالرد وإنما هو طارئ عليه وهذا كالصريح في أنه له ذلك أي حبس الأم بعد الفسخ ومعلوم أن مؤنتها على البائع ا هـ ع ش ( قوله : وللمشتري حبس الأم حتى تضعه ) والمؤنة على البائع وإذا لم يحبسها وولدت وجب على البائع رده إليه ولو في ولد الأمة قبل التمييز لاختلاف المالكين فإن لم يقع الرد قبل الولادة امتنع وله الأرش عبارة الحلبي قوله : يأخذ إذا انفصل أي ولو قبل الاستغناء عنها وليس هذا من التفريق المحرم لأن الفرض أن الفسخ وقع قبل الوضع ففي وقت أخذ الولد لم يحصل تفريق لاختلاف مالكيهما ، وقبل الانفصال لا تفريق إذ هو إنما يكون بين الأم وفرعها لا بينها وبين حملها انتهت ا هـ بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله : إن نقصت به ) لم يقيد به في الأمة لأن من شأن الحمل فيها أن يؤدي إلى ضعف الأم ولأنه يؤدي إلى الطلق وهو ملحق بالأمراض المخوفة ا هـ ع ش ( قوله : كالحمل ) أي فيكون للمشتري في غير مسألة الفلس حيث رد قبل انفصاله ا هـ ع ش أي وبالأولى هنا الرد بعد انفصاله ( قوله : ما لو كانت بعد إلخ ) أي وقت الفرد كالشراء ا هـ ع ش ( قوله : يردها ) أي مع حملها ( قوله : في يده ) أي المشتري ( وقوله : كان الطلع للمشتري ) أي وإن لم يتأبر ا هـع ش ( قوله : على الأوجه ) معتمد ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية