الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويصح بيعها ) رطبة ويابسة ( بشرط القلع ، أو القطع ) ويتبع الشرط ، فعروقها في الأول للمشتري ، وفي الثاني باقية للبائع ، ونحو ورقها وأغصانها يدخل مع شرط أحد هذين وعدمه ، ولو أبقاها مدة مع شرط أحد ذينك لم تلزمه الأجرة إلا إن طالبه البائع بالمشروط فامتنع ، ولو سقط ما قطعه ، أو قلعه على شجر البائع فأتلفه ضمنه إن علم سقوطه عليه ، وإلا فلا ، كذا أفتى به بعضهم ، وفيه نظر ظاهر ؛ لأن التلف من فعله فليضمنه [ ص: 453 ] مطلقا ، والعلم وعدمه إنما يؤثر في الاسم وعدمه ، ولو أراد مشترط أحد ذينك استئجار المغرس ليبقيها فيه فللقفال فيه جوابان ، والذي استقر رأيه عليه المنع بخلاف غاصب استأجر محل غرسه ليبقيه فيه ؛ لأن المحل هنا بيد المالك وثم بيد البائع فلا يمكن قبضه عن الإجارة قبل أحد ذينك ، وقياسه أنه لا يصح شراؤه له أيضا فإن قلت لم لم يكن شغله بالشجرة كشغل الدار بأمتعة المشتري قلت قد يفرق بأن تلك يتأتى التفريغ منها فلا تعد حائلا بخلاف هذه ؛ لأن القصد باستئجار أو شراء محلها إدامة بقائها .

                                                                                                                              ( وبشرط الإبقاء ) إن كانت رطبة كما يفهمه قوله : الآتي ولو كانت يابسة إلى آخره ، وإلا بطل البيع بشرط إبقائها ما لم يكن غرض صحيح في بقائها لنحو وضع جذع عليها كما بحثه الأذرعي ( والإطلاق يقتضي الإبقاء ) في الرطبة كما يفهمه ذلك أيضا ؛ لأنه العرف وإن كانت تغلظ عما هي عليه ، وفيما تفرخ منها ، ولو شجرة أخرى بناء على دخوله كما يأتي لكن لو أزيل المتبوع هل يزال التابع كما هو شأن التابع أو لا ؛ لأنه بوجوده صار مستقلا رجح بعضهم الأول وبعضهم الثاني ولعله الأقرب ؛ لأنه يغتفر في الدوام في مثل ذلك ما لا يغتفر في الابتداء ولأن البائع مقصر بعدم شرط القطع نظير ما يأتي هذا كله إن استحق البائع الإبقاء ، وإلا كأن غصب أرضا وغرسها ثم باعه وأطلق فقيل يبطل البيع وقيل يصح ، ويتخير مشتر جهل ، وهو الأوجه واختلف جمع متأخرون في أولاد الشجرة الموجودة والحادثة بعد البيع هل تدخل في بيعها ، والذي يتجه الدخول حيث علم أنها منها سواء أنبتت من جذعها ، أو عروقها التي بالأرض ؛ لأنها حينئذ كأغصانها بخلاف اللاصق بها مع مخالفة منبته لمنبتها ؛ لأنه أجنبي عنها وإذا دخلت استحق إبقاءها كالأصل كما رجحه السبكي من احتمالات قال ابن الرفعة وما علم استخلافه كشجر الموز لا شك في وجوب إبقائه وتوقف فيه الأذرعي أي : من حيث الجزم لا الحكم كما هو ظاهر [ ص: 454 ] ثم قال وشجر السماق يخلف حتى يملأ الأرض ويفسدها ، وفي لزوم هذا بعد ا هـ . ويرد بأن البائع بتركه شرط القطع مقصر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إن علم سقوطه ) لا يقال من لازم البيع بشرط القطع الرضا بما يتولد منه من الإتلاف ؛ لأنا نمنع أن القطع يستلزم الإتلاف ( قوله : أفتى به بعضهم ) هذا البعض هو شيخنا الشهاب الرملي ويصرح بما أفتى به قول الشيخين في باب ضمان إتلاف البهائم واللفظ للروضة ما نصه وأنه لو كان يقطع شجرة في ملكه فسقطت على رجل أحد النظارة فانكسرت فإن عرف القاطع أنها إذا سقطت تصيب الناظر ، ولم يعرف الناظر ذلك ، ولا أعلمه القاطع ضمن القاطع سواء دخل ملكه بإذنه أو بغير إذنه فإن عرفه الناظر ذلك ، أو عرفاه جميعا أو جهلاه فلا ضمان ا هـ وبه يسقط النظر المذكور ويظهر أن منشأه الغفلة عن المنقول وعدم [ ص: 453 ] الاطلاع عليه ( قوله بخلاف غاصب إلخ ) أي : فإنه يجوز ، قوله : هنا أي : في مسألة الغصب المذكورة ، قوله : بيد المالك أي : للشجر ( قوله : فلا تعد حائلا ) قد يقال الحيلولة إنما تعارض القبض وأقول قد يشكل على هذا الذي قاله القفال من المنع وعلى هذا الفرق الذي أبداه الشارح ما قالوه من أن من أراد شراء زرع لم يبد صلاحه لرعيه فطريقه أن يشتري الزرع بشرط القطع ثم يستأجر الأرض فليتأمل ثم بحثت مع م ر فوافق على إشكال كلام القفال في نفسه ومخالفته لما قالوه المذكورة واستبعد الفرق المذكور ( قوله : كما يفهمه ) فيه شيء ( قوله : استحق إبقاءها إلخ ) هل هذا غير قوله السابق ، وفيما يفرخ منها إلخ فإن لم يكن فما حكمة [ ص: 454 ] الجمع بينهما والجواب أن ذلك محال على هذا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ويتبع الشرط ) إلى قوله كذا أفتى في النهاية ( قوله : في الأول ) أي : في شرط القلع ( قوله للمشتري ) أي : فيأخذها ، وإن ترتب على أخذها هدم بناء عليها للبائع ؛ لأنه كأنه رضي بذلك ، ولا تقصير من المشتري ؛ لأنه لا يمكنه أخذ ذلك إلا بهدم ما فوقه ا هـ ع ش ( قوله : باقية للبائع ) وتقطع الشجرة من وجه الأرض نهاية ومغني أي : على ما جرت به العادة في مثلها فلو أراد المشتري حفر جزء من الأرض ليتوصل به إلى زيادة ما يقطعه لم يمكن ع ش ( قوله : ونحو ورقها إلخ ) أي : كأوعية نحو طلع ( قوله : ورقها وأغصانها ) أي : غير اليابستين في الرطبة ا هـ سم أي : عند الجمال الرملي خلافا للشارح ( قوله : أحد هذين ) أي : القلع والقطع وقوله : ( فامتنع ) أي : فتلزمه الأجرة من حين الامتناع ا هـ ع ش ( قوله : شجر البائع ) ليس بقيد ( قوله : وعدمه ) صادق بالإطلاق وشرط الإبقاء فليراجع ا هـ رشيدي ( قوله إن علم ) أي : ويظهر ذلك بالقرينة ا هـ ع ش ( قوله : بعضهم ) قال سم هذا البعض هو شيخنا الشهاب الرملي ويصرح بما أفتى به قول الشيخين ثم سرد قولهما راجعه إن شئت ( قوله : وفيه نظر ظاهر إلخ ) رده النهاية بما نصه وتنظير بعضهم فيه بأن التلف من فعله إلى آخر ما في الشرح غير صحيح نشأ له من عدم استحضاره المنقول فقد صرح بما أفتى الوالد به الشيخان في باب إتلاف البهائم وعبارة ابن المقري في روضه ، وإن خرب شجرة في ملكه وعلم أنها تسقط على غافل ، ولم يعلمه ضمن ، وإلا فلا يضمنه ؛ إذ لا تقصير منه ا هـ قال ع ش قوله : من عدم استحضاره المنقول لكن هذا المنقول مشكل في نفسه فإن الضمان لما تلف بخطاب الوضع [ ص: 453 ] ولا فرق فيه بين العالم وغيره ا هـ وأيضا أن ما هنا في غير ملك المتلف وما نقله عن الشيخين في ملكه .

                                                                                                                              ( قوله : مطلقا ) أي : علم أو لا ع ش ( قوله : بخلاف غاصب إلخ ) أي : غاصب أرض غرس فيها شجرا ثم استأجر محل غرسه فإن استئجاره صحيح ( قوله : هنا ) أي : في مسألة الغصب ( بيد المالك ) أي : للشجر ا هـ سم فيمكن قبضه من الإجارة ( قوله : فلا تعد حائلا ) قد يقال الحيلولة إنما تعارض القبض وأقول قد يشكل على هذا الذي قاله القفال من المنع وعلى هذا الفرق الذي أبداه الشارح ما قالوه من أن من أراد شراء زرع لم يبد صلاحه لرعيه فطريقه أن يشتري الزرع بشرط القطع ثم يستأجر الأرض فليتأمل ثم بحثت مع م ر فوافق على إشكال كلام القفال في نفسه ومخالفته لما قالوه واستبعد الفرق المذكور ا هـ سم عبارة السيد عمر بعد كلام نصها والقلب إلى جوابه أي : البلقيني القائل بالصحة أميل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأن القصد إلخ ) قد يقال أن هذا القصد لا ينافي إمكان التفريغ من الشجر ( قوله : إن كانت رطبة ) إلى قول المتن والأصح في النهاية إلا قوله : بناء على دخوله كما يأتي ، قوله : ؛ لأنه يغتفر إلى هذا كله ، قوله : وإذا دخلت إلى ثم قال ( قوله : كما يفهمه ) فيه شيء ا هـ سم عبارة ع ش قد ينازع في إفهامه ما ذكر ؛ لأن ما يأتي مفروض عند الإطلاق ولزوم القطع فيه لا يستلزم البطلان عند شرط الإبقاء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لنحو وضع إلخ ) الأولى كنحو إلخ بالكاف كما في المغني قول المتن ( والإطلاق ) أي : بأن لم يشرط قلعا ولا قطعا ، ولا إبقاء ا هـ مغني ( قوله : ذلك ) أي قوله : الآتي إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : وفيما تفرخ منها ) عطف على قوله في الرطبة وقوله : ( كما يأتي ) أي : في قوله والذي يتجه الدخول إلخ ا هـ كردي ( قوله : ولعله الأقرب ) أي : الثاني ( قوله : ما يأتي ) أي : في قوله ، ويرد بأن البائع إلخ ( قوله : هذا كله ) أي : اقتضاء الإطلاق الإبقاء في الرطبة وما تفرخ منها ، ولو شجرة أخرى ، أو أزيل المتبوع ( قوله : ثم باعه ) أي : الغراس وقوله : ( وأطلق ) أي : بخلاف ما لو شرط الإبقاء فالظاهر بطلان البيع لاشتماله على شرط فاسد صريح ا هـ ع ش عبارة الرشيدي قوله : وأطلق خرج به ما إذا شرط الإبقاء وظاهر أنه يبطل البيع قولا واحدا للشرط الفاسد وما لو شرط القلع أو القطع وظاهر أنه يصح قولا واحدا فليراجع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الموجود ) أي : وقت البيع ( قوله : التي بالأرض ) ظاهره وإن وصلت العروق إلى أرض الغير ونبتت منها ، وهو كذلك لكن لصاحب الأرض حينئذ تكليف مالك الشجرة إزالة ما وصل إلى ملكه فإن رضي ببقائه فلا أجرة فهو عارية ا هـ ع ش ( قوله : استحق إبقاءها إلخ ) هل هذا غير قوله السابق ، وفيما تفرخ منها فإن لم يكن فما حكمة الجمع بينهما والجواب أن ذلك محال على هذا ا هـ سم ، وفي ع ش ما نصه بقي ما إذا قطعها وبقي جذورها هل يجب عليه قطع الجذور ، أو له إبقاؤها كما كان يبقي الشجرة ، أو يفصل بين أن تموت الجذور وتجف فيجب قلعها كما لو جفت الشجرة ؛ لأنها حينئذ لا تزيد عليها ، أو لا تموت وتستمر رطبة ويرجى نبات شجرة منها فلا يجب ويستحق إبقاءها فيه نظر ، ولو قطعها وأبقى جذورها فنبتت منها شجرة أخرى هل يستحق إبقاءها لا يبعد نعم فليحرر سم على منهج أقول قوله : أو يفصل إلخ هو الأقرب ا هـ ع ش وأقول قوله : نعم إلخ هو داخل في قول الشارح كالنهاية سواء أنبتت من جذعها أو عروقها .

                                                                                                                              ( قوله : كالأصل ) قال سم على [ ص: 454 ] منهج في أثناء كلام بل قال شيخنا م ر إذا قلعت ، أو تقلعت ، ولم يعرض وأراد إعادتها كما كانت فله ذلك ا هـ أقول قوله : إذا قلعت أي : ولو بفعل المشتري حيث كان لغرض كما يفهم من قوله ، ولم يعرض ، قوله : ولم يعرض أي : ويرجع في ذلك إليه ا هـ ع ش أقول قد يقال أن قول سم ، ولم يعرض ليس بقيد ( قوله : ثم قال ) أي : الأذرعي ا هـ نهاية ( قوله : وفي لزوم هذا ) أي : الإبقاء ا هـ ع ش ( قوله : ويرد بأن البائع إلخ ) معتمد ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية