الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 305 ] ( ولو شرط وصفا يقصد ككون العبد كاتبا أو الدابة ) الآدمي أو غيره ( حاملا أو لبونا ) أي ذات لبن ( صح ) الشرط لما فيه من المصلحة ولأنه التزام موجود عند العقد لا يتوقف التزامه على إنشاء أمر مستقبل الذي هو حقيقة الشرط فلم يشمله النهي عن بيع وشرط ( وله الخيار ) فورا ( إن أخلف ) الشرط الذي شرطه إلى ما هو أدون لفوات شرطه فلو تعذر الفسخ لنحو حدوث عيب عنده فله الأرش بتفصيله الآتي ولو مات المبيع قبل اختباره صدق المشتري بيمينه في فقد الشرط لأن الأصل عدمه بخلاف ما لو ادعى عيبا قديما لأن الأصل السلامة .

                                                                                                                              وبهذا يرد إفتاء بعضهم بأن البائع يصدق بيمينه في كونها حاملا إذا شرطاه وأنكره المشتري ولا ينافيه تعبيرهم فيما ذكر بالموت لأنه محض تصوير وإنما المدار على تعذر معرفة المشروط بنحو بينة فيصدق المشتري في نفيه لما تقرر أن الأصل عدمه وسيعلم مما يأتي أنه يتيقن وجود الحمل [ ص: 306 ] عنده بانفصاله لدون ستة أشهر منه مطلقا أو لدون أربع سنين منه بشرط أن لا توطأ وطئا يمكن كونه منه ويأتي في الوصية أن حمل البهيمة يرجع فيه لقول أهل الخبرة فكذا هنا فيما يظهر أما ما لا يقصد كالسرقة فلا خيار بفواته لأنه من البائع إعلام بعيبه ومن المشتري رضا به وأما إذا أخلف إلى ما هو أعلى كأن شرط ثيوبتها فخرجت بكرا فلا خيار أيضا ولا نظر إلى غرضه نفسه لنحو ضعف آلته لأن العبرة في الأعلى وضده بالعرف لا بغيره ومن ثم قالوا لو شرط أنه خصي فبان فحلا تخير لأنه يدخل على الحرم ومرادهم الممسوح لأنه الذي يباح له النظر إليهن فاندفع تنظير شارح فيه ويكفي أن يوجد من الوصف المشروط ما ينطلق عليه الاسم إلا إن شرط الحسن في شيء فإنه لا بد أن يكون حسنا عرفا وإلا تخير ولو قيد بحلب أو كتابة شيء معين كل يوم أو في بعض الأيام بطل وإن علم قدرته عليه كما اقتضاه إطلاقهم ولا يأتي هنا بحث السبكي الآتي في الجمع في الإجارة بين العمل والزمن فتأمله ( وفي قول يبطل العقد في الدابة ) إذا شرط فيها ما ذكر لأنه مجهول ويجاب بأنه يعطى حكم المعلوم على أنه تابع ثم رأيتهم أجابوا بنحوه وهو أن القصد الوصف بذلك لا إدخاله في العقد لأنه داخل فيه عند الإطلاق .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أي ذات لبن ) فيه إشارة إلى البطلان لو شرط كثرة اللبن لأنها لا تنضبط فليراجع ( قول المصنف وله الخيار إن أخلف ) لو شرط كونها حاملا فتبين أنها كانت عند العقد غير حامل لكن حملت قبل القبض فهل يسقط الخيار كما لو در اللبن على الحد الذي أشعرت به التصرية بجامع حصول المقصود فيه نظر ولا يبعد السقوط ( قوله : وبهذا يرد إفتاء بعضهم ) هو شيخنا الشهاب الرملي والإفتاء وجيه جدا إذ كيف يسوغ الرد مع احتمال الحمل ورجاء ثبوته بعد بنحو قول أهل الخبرة ولأن الأصل عدم تسلط المشتري عليه بالرد وقد أجيب عما قاله الشارح بالفرق بما حاصله فوات المبيع في مسألة [ ص: 306 ] الكتابة بخلافه في مسألة الحمل فيمكن مراجعة أهل الخبرة فيه كما أشرت إليه وبأن أمر الكتابة مما يشاهد ويطلع عليه بخلاف الحمل ا هـ فليتأمل وقضية الفرق أن المصدق المشتري أيضا في مسألة شراء البقرة بشرط أنها لبون فماتت في يده قبل العلم حتى يستحق الأرش كما يأتي .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو شرط وصفا إلخ ) ولو شرط البائع مع موافقة المشتري حبس المبيع بثمن في الذمة حتى يستوفي الحال لا المؤجل وخاف فوت الثمن بعد التسليم صح لأن حبسه من مقتضيات العقد بخلاف ما لو كان مؤجلا أو حالا ولم يخف فوته بعد التسليم لأن البداءة حينئذ بالتسليم بالبائع نهاية ومغني قال ع ش قوله : م ر ولم يخف إلخ أي فلا يصح وقد يقال ما المانع من الصحة لأنه من مصالح العقد ولأنه وإن لم يخش فوت الثمن قد يكون له غرض في تعجيل القبض ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الآدمي إلخ ) عبارة النهاية والمغني أو الأمة ثم قال المغني قال بعض شراح الكتاب ولو أبدل المصنف لفظ الدابة بالحيوان لكان أحسن ليشمل الأمة فإن حكمها كذلك ولذلك قدرتها في المتن ولعل هذا حمل الدابة على العرف فإن حملت على اللغة فهو كالتعبير بالحيوان ا هـ .

                                                                                                                              قول المتن ( ككون العبد كاتبا ) ولو شرط كون المبيع عالما هل يكفي ما ينطلق عليه الاسم أم يشترط كونه عالما عرفا فيه نظر والأقرب الثاني وهل يشترط تعيين ما ينطلق عليه اسم العالم إذا تعددت العلوم التي يشتغلون بها أم لا فيه نظر أيضا والظاهر الثاني وبقي ما لو شرط كونه قارئا وينبغي أن يكتفي بالقراءة العرفية بأن يكون يحسن القراءة ولو في المصحف ما لم يشرط حفظه عن ظهر الغيب ا هـ ع ش ( قوله : أي ذات لبن ) إلى قوله فلو تعذر في المغني وإلى الفرع في النهاية إلا قوله : فورا وقوله : وبهذا إلى وسيعلم ( قوله : أي ذات لبن ) كأنه أشار به إلى أنه لو شرط كثرة لبنها لم يصح سم على حج أقول قد يقال بصحة الشرط ويحمل على الكثرة عرفا كما لو شرط كونه كاتبا كتابة حسنة فيصح ويحمل على الحسن العرفي بل قد يشمله قول الشارح الآتي إلا أن الحسن إلخ قال حج في شرح الإرشاد لو شرط كونه كاتبا لا يبعد الاكتفاء بالإطلاق وبكونه يحسن الكتابة بأي قلم كان ما لم تكن الأغراض في محل العقد مختلفة باختلاف الأقلام فيجب التعيين ا هـ ع ش ( قوله : صح الشرط ) عبارة النهاية والمغني صح العقد مع الشرط ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لما فيه من المصلحة ) أي مصلحة العقد وهو العلم بصفات المبيع التي يختلف بها الأغراض نهاية ومغني ( قوله : لا يتوقف إلخ ) في النهاية والمغني ولا يتوقف بالواو وهو أحسن ( قوله : الذي إلخ ) صفة الإنشاء ( قوله : فلم يشمله إلخ ) أي شرط وصف يقصد قول المتن ( وله الخيار إلخ ) لو شرط كونها حاملا فتبين أنها كانت عند العقد غير حامل لكن حملت قبل القبض فهل يسقط الخيار كما لو در اللبن على الحد الذي أشعرت به التصرية بجامع حصول المقصود فيه نظر ولا يبعد السقوط سم على حج وقد يقال بل الأقرب عدم سقوط الخيار لأن تأخير الحمل قد ينقص الرغبة في الحامل بتأخير الوضع فيفوت غرض المشتري ولا كذلك المصراة وقياس ما في المصراة - أن العبد لو تعلم الكتابة بعد العقد - الصحة للعلة المذكورة ا هـ ع ش ( قوله : فورا ) كما قاله الرافعي ا هـ مغني ( قوله : إن أخلف الشرط ) ومنه ما لو شرط كون العبد نصرانيا فتبين إسلامه فله الخيار ا هـ ع ش ( قوله : لفوات شرطه ) عبارة النهاية لتضرره بذلك لو لم نخيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : عنده ) أي المشتري ( قوله : قبل اختباره ) ولا طريق إلى إمكان معرفته بعده ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : وبهذا يرد إلخ ) خلافا للنهاية عبارتها ولا ينافي ما أفتى به الوالد رحمه الله في أنهما لو اختلفا في كون الحيوان حاملا صدق البائع بيمينه لأن الأصل عدم تسلط المشتري عليه بالرد بدليل ما سيأتي في دعوى المشتري قدم العيب مع احتمال ذلك لأن ما مر في موت الرقيق قبل اختباره وما هنا في شيء يمكن الوقوف عليه من أهل الخبرة ودعوى أن ذكر الموت تصوير ممنوعة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إفتاء بعضهم ) هو شيخنا الشهاب الرملي والإفتاء وجيه جدا إذ كيف يسوغ الرد مع احتمال الحمل ورجاء ثبوته [ ص: 306 ] بعد بنحو قول أهل الخبرة ولأن الأصل عدم تسلط المشتري عليه بالرد .

                                                                                                                              ( فرع ) في فتاوى الجلال السيوطي مسألة رجل اشترى أمة على أنها مغبة فبانت حاملا فهل له الرد الجواب نعم لأن المغبة في العرف من انقطع دمها في أيام العادة لا لحمل انتهى وقد يقال لا كلام في الرد لأن الحمل في الآدمية عيب فله الرد به ولو بدون هذا الشرط ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : عنده ) أي البيع ( قوله : مطلقا ) أي وطئت بعد البيع أو لا ا هـ ع ش ( قوله : لقول أهل الخبرة ) أي فلو فقدوا فينبغي تصديق المشتري لما علل به قبل من أن الأصل عدم وجود الوصف في المبيع وينبغي أن المراد بفقدهم في محل العقد فلا يكلف السفر لهم لو وجدوا في غيره وينبغي أن مثل محل العقد ما دون مسافة العدوى لأن من بها بمنزلة الحاضر بدليل وجوب حضوره إذا استعدى عليه منه ا هـ ع ش ( قوله : فكذا هنا إلخ ) ويكتفي برجلين أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة ا هـ نهاية قال ع ش قوله : م ر أو أربع نسوة هذا ظاهر في حمل الأمة أما البهيمة فقد يقال لا يثبت حملها بالنساء الخلص لأنه مما تطلع عليه الرجال غالبا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أما ما لا يقصد ) إلى قوله وإن علم في المغني ( قوله : لأنه ) أي شرط نحو السرقة مما لا يقصد ( قوله : كأن شرط ثبوتها إلخ ) أو كونه مسلما فبان كافرا فلا خيار له بخلاف عكسه لرغبة الفريقين أي المسلمين والكفار في الكافر من جهة جواز بيعه للمسلم والكافر كما في القليوبي على الجلال أي بخلاف المسلم فلا يجوز بيعه للكافر ففيه تضييق على المشتري ثم رأيت في شرح الروض ثبوت الخيار إذا شرط إسلامه فبان كافرا ا هـ بجيرمي ( قوله : لنحو ضعف آلته ) قد يقال ما الحكم لو صرح بهذا الغرض عند العقد فقال اشتريت بشرط كونها ثيبا لكوني عاجزا عن البكر أو دلت القرائن الحالية على إرادته ا هـ سيد عمر وميل القلب إلى عدم سقوطه مع التصريح كما يؤيده ما مر عن البجيرمي عن شرح الروض ( قوله : شارح ) هو البدر بن شهبة ا هـ نهاية ( قوله : ما ينطلق عليه الاسم ) وقضيته أنه لو شرط كونها ذات لبن وتبين أنها كذلك لكن ما تحلبه قليل جدا بالنسبة لأمثالها من جنسها اكتفي بذلك وقد يتوقف فيه بأن مثل هذا يعد عيبا وقد يشمله قول حج في شرح العباب لكن لا بد من وجود قدر منه أي اللبن يقصد بالشراء عرفا فيما يظهر انتهى ا هـ ع ش ( قوله : حسنا عرفا ) ينبغي أن يكون شرط الكثرة كذلك ويكون المرجع فيها العرف كالحسن خلافا لما بحثه الفاضل المحشي من البطلان ا هـ سيد عمر ومر عن ع ش ما يوافقه ( قوله : بطل ) وكذا يبطل لو شرط وضع الحمل لشهر مثلا ا هـ مغني ( قوله : بين العمل والزمن ) أي من أنه لو قطع بإمكان فعله عادة صح وإن كان المعتمد ثم خلافه ا هـ ع ش ( قوله : إذا شرط فيها إلخ ) عبارة المغني بصورتيها بالشرط إلا بالخلف لأنه شرط معها شيئا مجهولا فأشبه ما لو قال بعتكها وحملها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ما ذكر ) أي كونها حاملا أو لبونا ( قوله : بنحوه ) أي الجواب العلوي عبارة النهاية على أنه تابع إذ القصد الوصف إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه داخل ) أي نحو الحمل ( فيه ) أي في الحيوان المبيع .




                                                                                                                              الخدمات العلمية