الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن لم يحضر العاقدان المبيع ) العقار ، أو المنقول الذي بيد المشتري أمانة كان ، أو ضمانا بأن غاب عن محل العقد وقلنا بالأصح : إن حضورهما عند المبيع ( حالة القبض ) غير شرط ( اعتبر ) في صحة قبضه إذن البائع فيه إن كان له حق الحبس ( ومضى زمن يمكن فيه المضي إليه ) عادة مع زمن يسع نقله ، أو تفريغه مما فيه لغير المشتري ( في [ ص: 412 ] الأصح ) ؛ لأن الحضور إنما اغتفر للمشقة ، ولا مشقة في اعتبار مضي ذلك أما عقار ، أو منقول غائب بيد البائع ، أو أجنبي فلا يكفي مضي زمن إمكان تفريغه ونقله بل لا بد من تخليته ونقله بالفعل ، وأما مبيع حاضر منقول ، أو غيره ، ولا أمتعة فيه لغير المشتري ، وهو بيده فيعتبر في قبضه مضي زمن يمكن فيه النقل ، أو التخلية مع إذن البائع إن كان له حق الحبس .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              ما ذكرته من إلحاق يد الأجنبي بيد البائع هو الذي يتجه ؛ لأن المشتري إنما اكتفى بالتقدير فيما بيده لقوتها بخلاف يد البائع والأجنبي ، وأما قول الإسنوي أن يد الأجنبي كيد المشتري كما ذكره الرافعي في الرهن فممنوع نقلا وتوجيها ، وفي الحاضر بيد المشتري هو ما اقتضاه كلامهما في الرهن ، واعتمده الأذرعي والزركشي وغيرهما ، ولم يبالوا بكون المصنف في المجموع وابن الرفعة في الكفاية نقلا عن المتولي وأقراه أنه يصير مقبوضا بنفس العقد ، وإن كان للبائع حق الحبس لكن الحق أن هذا المنقول هو الأحق بالاعتماد كما بينته في شرح العباب بما يعلم منه أن رجوع شيخنا عن اعتماده ليس في محله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أو تفريغه مما فيه ) هذا سيما مع مقابلته [ ص: 412 ] لقوله الآتي أما عقار ، أو منقول إلخ صريح في عدم اعتبار تفريغه بالفعل من متاع غير المشتري الموجود فيه بالفعل ، وفيه نظر ظاهر وقضية قوله في نظيره الآتي ولا أمتعة فيه لغير المشتري خلافه ( قوله : أو التخلية ) لعل المراد بها الاستيلاء ، وإلا فلا وجه لذكرها ؛ لأن العقار الخالي من أمتعة غير المشتري قبضه بالاستيلاء عليه مع الإذن إن كان للبائع حق الحبس ، ولا يعتبر فيه تفريغ ؛ إذ ليس فيه ما يعتبر تفريغه فإذا كان في يد المشتري لم يعتبر في قبضه وراء إذن البائع بشرطه غير مجرد مضي زمن يمكن فيه الوصول إليه ، والاستيلاء عليه ( قوله : وأما قول الإسنوي إلخ ) ما قاله الإسنوي ممنوع م ر ( قوله : هو ما اقتضاه كلامهما إلخ ) عبارة شرح الروض ، وخرج بالغائب الحاضر بيد المشتري ولا أمتعة فيه لغيره فإنه يكون مقبوضا بمضي زمن يمكن فيه التخلية ، أو النقل ، ولا يفتقر فيه ، وفي الغائب إلى إذن البائع إن لم يكن له حق الحبس ، وإلا افتقر كما يعلم مما يأتي [ ص: 413 ] وفاقا للشيخين خلافا للمتولي هكذا أفهم ، ولا تغتر بما يخالفه ا هـ نعم إن كان المبيع مما يتناول باليد ، وكان في يد المشتري بالفعل كمنديل حمله في يده كان مقبوضا بنفس العقد م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( فإن لم يحضر العاقدان ) شمل ذلك ما لو لم يحضر واحد منهما ، أو حضر أحدهما دون الآخر كما لو كتب أحدهما بالبيع ، أو الشراء لغائب عند المبيع ، وهو ظاهر فيما لو غابا معا ، أو المشتري أما لو كان المشتري حاضرا عند المبيع ، وكتب له البائع بالبيع فقبل فيحتمل أنه لا يحتاج لمضي الزمن لحضوره عنده ولكن قضية إطلاقهم اعتبار مضي زمن إمكان حضور البائع فيجب العمل به حتى يوجد صارف عنه ا هـ ع ش ( قوله : العقار ) إلى قوله أما عقار في المغني وإلى التنبيه في النهاية ( قوله : الذي بيد المشتري ) نعت للمبيع ( قوله : عن محل العقد ) أي : مجلسه ، وإن كان بالبلد ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : يسع نقله ) أي : في المنقول ( قوله : أو تفريغه ) أي : في غير المنقول بل مطلقا ( قوله : أو تفريغه مما فيه إلخ ) هذا سيما مع مقابلته لقوله الآتي أما عقار ، أو منقول إلخ صريح في عدم اعتبار تفريغه بالفعل من متاع غير المشتري - [ ص: 412 ] الموجود فيه بالفعل ، وفيه نظر ظاهر ، وقضية قوله في نظيره الآتي : ولا أمتعة فيه لغير المشتري خلافه ا هـ سم أقول : وهذا أي : اعتبار التفريغ بالفعل صريح العباب وظاهر النهاية ، وعليه حمل الحواشي عبارة شرح المنهج عبارة العباب : فإن لم يكن المبيع حاضرا في مجلس العقد كفت التخلية ، ولو منقولا مع مضي إمكان قبضه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إنما اغتفر ) أي اغتفر عدمه وتركه ( قوله : غائب ) قيد في كل من العقار والمنقول ا هـ ع ش ( قوله : فلا يكفي إلخ ) خلافا للمغني ( قوله : وهو بيده ) أي : حكما أما لو كان بيده حقيقة لم يشترط مضي زمن بل إذن البائع إن كان له حق الحبس ، وإلا فلا انتهى منه م ر ومثله في حاشية سم على منهج عنه م ر ثم نقل عنه م ر أنه م ر قال بعد ذلك : ينبغي أنه لا بد من مضي زمن بعد العقد يمكن فيه تناوله ورفعه انتهى أقول : وهذا هو قياس اعتبار مضي زمن يمكن فيه الوصول والنقل فيما كان غائبا ، وهو بيد المشتري فتأمله ا هـ ع ش ويأتي في الشرح ، وعن المغني وسم والرشيدي اعتماد الأول ( قوله : أو التخلية ) ليس المراد بها التخلية حقيقة بل تحمل على إمكان التفريغ منه ، وعبارة سم على حج لعل المراد الاستيلاء ، وإلا فلا وجه لذكرها ؛ لأن العقار الخالي من أمتعة غير المشتري قبضه بالاستيلاء عليه مع الإذن إن كان للبائع حق الحبس ، ولا يعتبر فيه تفريغ ؛ إذ ليس فيه ما يعتبر تفريغه فإذا كان في يد المشتري لم يعتبر في قبضه وراء إذن البائع بشرطه غير مجرد زمن يمكن فيه الوصول إليه والاستيلاء انتهى ا هـ ع ش عبارة الرشيدي قوله : التخلية لعل المراد تقدير إمكان التخلية لو فرضناه بيد البائع ، وإلا فلا معنى لمضي إمكان التخلية مع أنه مخلى بالفعل ا هـ وعبارة المغني ، ولو كان المبيع تحت يد المشتري أمانة ، أو مضمونا ، وهو حاضر ، ولم يكن للبائع حق الحبس صار مقبوضا بنفس العقد بخلاف ما إذا كان له حق الحبس فإنه لا بد من إذنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فممنوع إلخ ) وفاقا للمغني ، والنهاية عبارتها : والمعتمد خلافه ، وهو أن يد الأجنبي كيد البائع ا هـ ( قوله : وفي الحاضر إلخ ) عطف على قوله من إلحاق الأجنبي ( قوله : واعتمده الأذرعي إلخ ) وكذا اعتمده النهاية ( قوله : أن هذا المنقول ) أي : عن المتولي من أنه يصير مقبوضا بنفس العقد ، وإن كان للبائع حق الحبس ، ولا يعتبر مضي زمن يمكن فيه التخلية والنقل ( قوله : هو الأحق إلخ ) اعتمده المغني إلا قوله : وإن كان إلخ ( قوله : كما بينته ) في شرح العباب عبارته : لأنه إن كان أمانة فقد رضي بدوام يده ، أو مضمونا سقط ضمان القيمة وتقرر ضمان الثمن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أن رجوع شيخنا إلخ ) عبارة شرح الروض : وخرج بالغائب الحاضر بيد المشتري ، ولا أمتعة فيه لغيره فإنه يكون مقبوضا بمضي زمن يمكن فيه التخلية ، أو النقل ، ولا يفتقر فيه ، وفي الغائب إلى إذن البائع إن لم يكن له حق الحبس ، وإلا افتقر كما يعلم مما يأتي وفاقا للشيخين وخلافا للمتولي هكذا أفهم ، ولا تغتر بما يخالفه ا هـ نعم إن كان البيع مما يتناول باليد وكان في يد المشتري بالفعل كمنديل حمله في يده كان مقبوضا بنفس العقد م ر ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية