الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( باب )

                                                                                                                              بالتنوين في معاملة الرقيق وذكره هنا تبعا للشافعي رضي الله عنه أولى من تقديمه على الاختلاف الواقع للحاوي كالرافعي ؛ لأنه تبع للحر فأخرت أحكامه عن جميع أحكامه ولو تأتى فيها بعضها ، وإن أمكن توجيه ذلك بأن فيه إشارة لجريان التحالف في الرقيقين كما قدمته ، ومن تعقيبه للقراض الواقع في التنبيه ؛ لأنه ، وإن أشبهه في أن كلا فيه تحصيل ربح بإذن في تصرف لكنه إنما يتضح على الضعيف أن إذن السيد لقنه توكيل والأصح أنه استخدام ، ومن ثم لم يحتج لقبوله بل لم يؤثر رده فيما يظهر ، وتصرفه إما غير نافذ ولو مع الإذن كالولاية والشهادة وإما نافذ ، ولو بلا إذن كالعبادة والطلاق ولو بمال ، وإما نافذ بالإذن كالتصرفات المالية لا بغيره كما قال ( العبد ) يعني القن ، أو جرى على رأي ابن حزم أنه يشمل الأمة ( إن لم يؤذن له في التجارة ) ، أو التصرف ( لا يصح شراؤه ) اقتصر عليه ؛ لأن الكلام فيه وإلا فكل تصرف مالي كذلك ، ولو في الذمة ( بغير إذن سيده ) الكامل فيه ( في الأصح ) للحجر عليه لحق سيده ، ولو اشترى بعين ماله بطل جزما .

                                                                                                                              ( تنبيه ) تبين بقولي فيه أنه إنما احتاج لقوله بغير إذن سيده مع قوله لم يؤذن له في التجارة ؛ لأن من لم يؤذن له فيها تحته قسمان من اشترى ، ولم يؤذن له في خصوص الشراء فلا يصح وقيل يصح إن كان في الذمة ومن اشترى وأذن له في خصوص الشراء فيصح بلا خلاف وأنه لو حذف بغير إذن سيده لشمل الثاني ؛ لأنه يصدق عليه أنه لم يؤذن له في التجارة فإن قلت هذا تطويل بلا فائدة ؛ إذ لو حذف إن لم يؤذن له في التجارة [ ص: 486 ] استغنى عنه قلت مثل هذا لا يعترض به المنهاج على أن ضرورة التقسيم أحوجته إليه أما سيده المحجور عليه فيصح تصرفه بإذن وليه وتشترط أمانته إن دفع له مالا للسيد قال الأذرعي وغيره بحثا ، وقد يصح تصرفه بغير إذن كأن امتنع سيده من إنفاقه أو تعذرت مراجعته ، ولم يمكنه مراجعة الحاكم فيصح شراؤه وما تمس حاجته إليه ، وكذا لو بعثه في شغل لبلد بعيد ، أو أذن له في حج ، أو غزو ، ولم يتعرض لإذنه له في الشراء وشراء المبعض في نوبته صحيح ، وكذا في غيرها إن قصد نفسه على الأوجه ( ويسترده ) أي : ما اشتراه بلا إذن ( البائع سواء كان ) فيه حذف همزة التسوية ، وهو جائز ، وقد قرئ { سواء عليهم أأنذرتهم } بحذفها ( في يد العبد ، أو ) وضعها موضع أم في نحو هذا جائز كما حكاه الجوهري وغيره ( سيده ) ، أو غيرهما ؛ لأنه باق على ملكه ، ولو أدى الثمن من مال سيده استرد أيضا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 485 ] باب ) ( قوله : عن جميع ) قد ينافي دعوى التأخير عن الجميع بقاء السلم ونحوه ، وإن لم يتعرض هنا لاختلافه ( قوله : إنما يتضح على الضعيف ) فيه نظر بل المشابهة المذكورة متحققة على الأصح أيضا ( قوله : استخدام ) قد يقال كل منهما استخدام والاستخدام يكون بعوض وبغيره ( قوله : أو جرى ) أي : أو أراد الظاهر وأحال غيره على المقايسة ( قوله : لأن الكلام فيه ) يتأمل [ ص: 486 ] قوله : وشراء المبعض في نوبته صحيح ) لو اشترى لنفسه بإذن سيده في نوبة السيد أو حيث لا مهايأة فهل يلزمه الآن وفاء الثمن مما ملكه ببعضه الحر أو لا ؛ لأن حكمه كمتمحض الرق في نوبة سيده أو حيث لا مهايأة فلا يلزمه الوفاء إلا بعد العتق كما في متمحض الرق فيه نظر وأجاب م ر بالثاني وسيأتي نظيره في باب الإقرار ( قوله : على الأوجه ) خولف في ذلك م ر ( قوله : كما حكاه الجوهري وغيره ) ولا يقدح في الجواز الحكم بسهو الجوهري في هذا الذي حكاه كما وقع في القاموس وغيره ؛ لأنه وفاقا لشيخنا الشريف الصفوي لا طريق إلى العلم بالسهو ؛ إذ غاية ما وقع لصاحب القاموس ، أو غيره في نحو ذلك عدم الاطلاع على ما حكاه الجوهري في كلام العرب بعد بحثه طاقته لكن ذلك لا يمنع الوجود واحتمال اطلاع الجوهري على ما لم يطلعوا عليه ولذا استند الجلال المحلي إلى كلام الجوهري هذا في دفع الاعتراض على عبارة المنهاج في باب الردة ، ولم يلتفت للحكم بسهوه فيه مع اطلاعه عليه لما ذكر بل لو فرض مشافهة العرب لصاحب القاموس ، أو غيره بامتناع ما حكاه الجوهري لم يلزمه سهوه فيه لجواز أنه اطلع عليه من لغة غير المشافهين فتدبر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( باب في معاملة الرقيق ) ( قوله : بالتنوين ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله : بل لم يؤثر رده فيما يظهر ( قوله : في معاملة الرقيق ) أي : وما يتبع ذلك كعدم ملكه بتمليك السيد ا هـ ع ش ( قوله وذكره ) أي : هذا الباب ا هـ مغني قوله : ( عن جميع إلخ ) قد ينافي دعوى التأخير عن الجميع بقاء السلم ونحوه ا هـ سم ( قوله : بعضها ) أي كالتحالف ع ش ( قوله : توجيه ذلك ) أي ما في الحاوي ( قوله : إنما يتضح إلخ ) محل تأمل ثم رأيت المحشي قال فيه نظر بل المشابهة المذكورة متحققة على الأصح أيضا ا هـ سيد عمر ( قوله استخدام ) قد يقال كل منهما استخدام والاستخدام يكون بعوض وبغيره سم على حج ا هـ ع ش ( قوله : وتصرفه ) إلى المتن في المغني ( قوله : وتصرفه ) أي : مطلق تصرف الرقيق ثلاثة أقسام ما لا ينفذ مطلقا وما ينفذ مطلقا وما ينفذ بإذن سيده ا هـ كردي ( قوله : كالعبادة ) على تفصيل في نحو الإحرام ا هـ رشيدي ( قوله : ولو بمال ) ولا يضر كونه بمال ؛ لأنه لا تفويت فيه على السيد بل هو تحصيل مال له ا هـ ع ش ( قوله : لا بغيره ) حقه أن يقدم على قوله كالتصرفات إلخ ( قوله : يعني القن إلخ ) أي : أراد به القن مجازا ؛ إذ العبد على المشهور القن الذكر فاستعمله في مطلق القن من باب التجريد ، أو حقيقة على رأي ابن حزم فلا يرد أنه لا يحسن التقابل في كلام الشارح في قوله ، أو جرى إلخ والله أعلم ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله : يعني القن إلخ ) أي فكأنه قال الرقيق الذي يصح تصرفه لنفسه لو كان حرا كما قاله الماوردي نهاية ومغني وشرح المنهج ( قوله : أو جرى إلخ ) أي : أو أراد الظاهر وأحال غيره على المقايسة ا هـ سم ( قوله : أو التصرف ) أي : ولا في التصرف فإن أذن له في أحدهما تصرف بحسب الإذن كما يأتي ا هـ ع ش ( قوله : ؛ لأن الكلام فيه ) أي : الشراء يتأمل ا هـ سم ( قوله : فكل تصرف مالي إلخ ) وينبغي أن مثل ذلك الاختصاصات فلا يصح رفع يده عنها ويحرم على الآخذ ذلك وإنما اقتصر على المالي ؛ لأنه الذي يتصف بالصحة والفساد ويترتب عليه الضمان ا هـ ع ش ( قوله : ولو في الذمة ) سيأتي أن تصرفه في العين باطل جزما والخلاف إنما هو في تصرفه في الذمة فاللائق حذف الواو إلا أن تجعل للحال رشيدي و ع ش ( قوله : فيه ) أي : الشراء والجار متعلق بإذن سيده ( قوله بعين ماله ) أي : السيد [ ص: 486 ] قوله : أما سيده إلخ ) الأولى فلو كان سيده محجورا عليه صح تصرفه إلخ ( قوله فيصح تصرفه ) أي : القن الذي سيده محجور عليه ( قوله : بإذن وليه ) أي : ولي السيد ( قوله : وتشترط ) أي : في صحة تصرفه بإذن الولي .

                                                                                                                              ( قوله : إن دفع له مالا للسيد ) أسقطه النهاية قال ع ش قضية قول حج إن دفع إلخ أنه لو أذن له ولي المحجور في التصرف في الذمة لا يشترط أمانته ، وقد يتوقف فيه بأنه إذا لم يكن أمينا ربما اشترى في الذمة وأهلكه فيتعلق بدله بذمته وكسبه ، وفي ذلك ضرر بالمولى عليه ا هـ ع ش عبارة الإيعاب ، وإن أذن له أي : ولي المحجور عليه لرقيقه في الاتجار في ذمته ففيه احتمال ، ولا نقل فيه قاله الأذرعي ، والذي يتجه أنه لا بد من الأمانة مطلقا ؛ لأن ما يشتريه المأذون ملك لسيده وإن نوى نفسه على الأصح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : قال الأذرعي ) إلى قوله وفارق في النهاية ( قوله : من إنفاقه ) أي : لما يجب إنفاقه عليه ا هـ ع ش ( قوله : ويمكنه مراجعة الحاكم ) قيد في المسألتين ا هـ رشيدي زاد ع ش أي : بأن يشق ذلك عليه كما يأتي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيصح شراء إلخ ) أي : بعين مال السيد ، وفي الذمة ا هـ ع ش قال السيد عمر ، وكذا يجوز إيجاره لنفسه وبيعه ما كسبه بنحو احتطاب والحال ما ذكر فيما يظهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وكذا لو بعثه إلخ ) أي : يصح تصرفه بعين مال السيد ، وفي الذمة ا هـ ع ش ( قوله : ولم يتعرض إلخ ) أي : ولا فرق فيما ذكر بين أن يدفع له مالا يصرفه على نفسه وأن لا يدفع له شيئا بل يقتصر على مجرد الإذن له في السفر ا هـ ع ش ( قوله : وكذا في غيرها إلخ ) خلافا للنهاية حيث قال لا في غيرها بغير إذن وإن قصد نفسه فيما يظهر ا هـ قول المتن ( ويسترده البائع ) أي : له طلب رده نهاية ومغني أي : لأنه واجب عليه ع ش ( قوله : فيه حذف إلخ ) عبارة المغني .

                                                                                                                              ( تنبيه ) كان الأولى أن يقول سواء أكان في يد العبد أم سيده فحذف الهمزة والإتيان بأو لغة قليلة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كما حكاه الجوهري ) ولا يقدح في الجواز الحكم بسهو الجوهري في هذا الذي حكاه كما وقع في القاموس وغيره ؛ لأنه وفاقا لشيخنا الشريف الصفوي لا طريق إلى العلم بالسهو ؛ إذ غاية ما وقع لصاحب القاموس وغيره في نحو ذلك عدم الاطلاع على ما حكاه الجوهري في كلام العرب بعد بحثه طاقته لكن ذلك لا يمنع الوجود سم على حج ا هـ ع ش ( قوله : استرد أيضا ) ولو رده المشتري على العبد فهل يبرأ فيه نظر والذي يظهر أنه إن كان تحت يده بغير إذنه فلا يبرأ بالرد على العبد ؛ لأنه كالغاصب ا هـ ع ش ، قوله : المشتري الأصوب البائع




                                                                                                                              الخدمات العلمية