الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث السادس: الرجوع في هدية الخاطب

        المراد بالمسألة:

        المراد بهدية الخاطب هي: الهدايا التي يقدمها الرجل لمن يريد الزواج بها، ثم لم يتم الزواج، وقد اختلف الفقهاء في الرجوع في هدية الخاطب على قولين:

        القول الأول: يجوز للخاطب أن يرجع في هديته التي بعثها على نية الزواج بها قبل أن يتم العقد إن كان المانع من قبل الزوجة، أو من قبل أبيها بعد الوعد بتزويجه، وإن كان الامتناع من جهة الخاطب فليس له أن يرجع فيها.

        قال به الحنفية، والمالكية في قول، وقال الدردير: "وهو الأوجه" وقال به الشافعية، والحنابلة.

        قال الزيلعي: "ولو خطب بنت رجل، وبعث إليها شيئا، ولم يزوج الأب البنت، قالوا: ما بعث للمهر وهو قائم أو هالك يسترد، وكذا ما بعث هدية وهو قائم، فأما الهالك والمستهلك فلا شيء له في ذلك". [ ص: 104 ]

        في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: "(و) جاز (الإهداء فيها) أي: في العدة كالخضر والفواكه وغيرهما، لا النفقة.

        فلو تزوجت بغيره فلا رجوع له عليها بشيء.

        وكذا لو أهدى أو أنفق لمخطوبة غير معتدة، ثم رجعت عنه، ولو كان الرجوع من جهتها إلا لعرف أو شرط. وقيل: إن كان الرجوع من جهتها فله الرجوع عليها; لأنه في نظير شيء لم يتم، واستظهر".

        وقال سليمان الجمل في حاشيته على شرح المنهج: "فرع: لو خطب امرأة ثم أرسل إليها أو دفع إليها مالا قبل العقد ولم يقصد التبرع، ثم وقع الإعراض منها أو منه رجع بما وصلها منه، كما أفاده كلام البغوي، واعتمده الأذرعي، ونقله الزركشي وغيره، وكذا لو ماتت فله الرجوع على من دفعه إليه، بخلاف ما لو عقد وطلق قبل الدخول فلا رجوع; لأن مداره على العقد".

        وفي إعانة الطالبين: "خطب امرأة فأجابته، فحمل إليهم هدية، ثم لم ينكحها رجع بما ساقه إليها; لأنه ساقه بناء على إنكاحه ولم يحصل، ذكره الرافعي".

        قال المرداوي: "هدية الزوجة ليست من المهر، نص عليه، فإن كانت قبل العقد وقد وعدوه بأن يزوجوه فزوجوا غيره: رجع بها. قاله الشيخ تقي الدين -رحمه الله- واقتصر عليه في الفروع. [ ص: 105 ]

        قلت: وهذا مما لا شك فيه.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية