الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        3- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الواهب أحق بهبته ما لم يثب عليها".

        وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل للواهب حق الرجوع فيما وهبه ما لم يحصل على عوض عنه، فدل ذلك على أن الهبة لا تلزم بالقبض، بل يحق للواهب أن يرجع فيها بعد القبض؛ لعموم الحديث، حيث شمل صحة الرجوع في الهبة قبل القبض وبعده.

        ونوقش هذا الاستدلال: بضعف هذا الحديث.

        4- إجماع الصحابة على ذلك حيث ورد عن عمر، وعثمان، وعلي، وعبد الله بن عمر، وأبي الدرداء، وفضالة بن عبيد، وغيرهم رضي الله عنهم، أن من وهب هبة فهو أحق بالرجوع فيها ما لم يثب منها، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة فكان إجماعا.

        ونوقش: عدم تسليم الإجماع; لأنه خلاف ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

        وأيضا: فإن الخلاف إنما هو في الهبة التي لا يراد بها الثواب، هل يجوز الرجوع فيها بعد لزومها أو لا؟ والوارد عنهم في جواز الرجوع إنما هو في هبة الثواب; بدليل قول عمر -رضي الله عنه-: "من وهب هبة لصلة الرحم، أو على [ ص: 95 ] وجه الصدقة، فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد الثواب فهو على هبته، يرجع فيها إذا لم يرض منها".

        وعن عبد الله بن عامر قال: كنت عند فضالة بن عبيد إذ جاء رجلان، فقال أحدهما: وهبت له بازا وأنا أرجو أن يثيبني منها، وقال الآخر: وهب لي بازا وما تعرضت له وما سألته، فقال فضالة: "اردد إليه هبته أو أثبه منها، فإنما يرجع في المواهب النساء وشرار القوم".

        وعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: "من وهب هبة لوجه الثواب، فلا بأس أن يرد" .

        وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: "المواهب ثلاثة: رجل وهب من غير أن يستوهب فهي كسبيل الصدقة، فليس له أن يرجع في صدقته، ورجل استوهب فوهب فله الثواب. . . ورجل وهب واشترط الثواب فهو دين على صاحبها في حياته وبعد مماته".

        التالي السابق


        الخدمات العلمية