الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويحرم قبوله ) أي القاضي ( هدية ) لما روى أبو سعيد قال { بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة ، فقال : هذا لكم وهذا أهدي إلي فقام النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول : هذا لكم وهذا أهدي إلي ؟ ألا جلس في بيت أبيه فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده لا نبعث أحدا منكم فيأخذ شيئا إلا جاء به يوم [ ص: 317 ] القيامة يحمله على رقبته ، إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ، ثم رفع يده حتى رئيت عقدة إبطيه فقال : اللهم هل بلغت ؟ ثلاثا } متفق عليه .

                                                                                                                      وقال كعب الأحبار : قرأت فيما أنزل الله على أنبيائه : الهدية تفقأ عين الحكم ( بخلاف مفت ) فلا يحرم قبول الهدية ( وتقدم في الباب قبله ) مفصلا ( وهي ) أي : الهدية ( الدفع إليه ابتداء ) من غير طلب ( وظاهره ) أنه يحرم على القاضي قبوله الهدية ( ولو كان ) القاضي ( في غير عمله ) لعموم الخبر ( إلا ممن كان يهدي إليه قبل ولايته إن لم يكن له ) أي المهدي ( حكومة ) لأن التهمة منتفية لأن المنع إنما يكون من أجل الاستمالة أو من أجل الحكومة وكلاهما منتف ( أو ) كانت الهدية ( من ذوي رحم محرم منه ) أي من الحاكم ( لأنه لا يصح أن يحكم له ) هذا واضح في عمودي نسبه دون من عداهم من أقاربه مع أنه يحتمل أن يهدي لئلا يحكم عليه .

                                                                                                                      قال القاضي في الجامع الصغير : لا ينبغي أن يقبل هدية إلا من صديق كان يلاطفه ، أو ذي رحم محرم منه بعد أن لا يكون له خصم ( وردها ) أي رد القاضي الهدية حيث جاز له أخذها ( أولى ) لأنه لا يأمن أن يكون لحكومة منتظرة ( واستعارته ) أي القاضي ( من غيره كالهدية ; لأن نافع كالأعيان ، ومثله لو ختن ) القاضي ( ولده ونحوه فأهدي له ، ولو قلنا : إنها للولد ; لأن ذلك وسيلة إلى الرشوة فإن تصدق عليه فالأولى أنه كالهدية ) على التفصيل السابق وفي الفنون له أخذ الصدقة .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية