الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثم ( قال ) اجعل للمدعي أمدا ينتهي إليه فإن أحضر بينة آخذ بحقه وإلا وجهت القضاء عليه فإن ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر ، وفيه دليل على أن القاضي عليه أن يمهل كل واحد من الخصمين بقدر ما يتمكن من إقامة الحجة فيه حتى إذا قال المدعي بينتي حاضرة أمهله ليأتي بهم فربما لم يأت بهم في المجلس الأول بناء على أن الخصم لا ينكر حقه لوضوحه فيحتاج إلى مدة ليأتي بهم ، وبعد ما أقام البينة إذا ادعى الخصم الدفع أمهله القاضي ليأتي بدفعه فإنه مأمور بالتسوية بينهما في عدله وليكن إمهاله على وجه لا يضر بخصمه فإن الاستعجال إضرار بمدعي الدفع ، وفي تطويل مدة إمهاله إضرار بمن أثبت حقه وخير الأمور أوسطها وقوله فإن أحضر بينته آخذ بحقه وإلا وجهت القضاء عليه إن كان مراده دعوى الدفع فهو أوضح ; لأنه إذا عجز عن إثبات ما ادعى من الدفع وجه القاضي إليه القضاء ببينة المدعي ، وما لم يظهر عجزه عن ذلك لا يوجه القضاء عليه ; لأن الحجة إنما تقوم عليه إذ ظهر عجزه عن الدفع بالطعن والمعارضة ، وإن كان مراده جانب المدعي فمعنى قوله وجهت القضاء عليه ألزمته الكف عن أذى الناس والخصومة من غير حجة وقوله فإن ذلك أجلى للعمى لإزالة الاشتباه وأبلغ في العذر للقاضي عند من توجه القضاء عليه ; لأنه إذا وجه القضاء عليه بعد ما أمهله حتى يظهر عجزه عن الدفع انصرف من مجلسه شاكرا له ساكتا . وإذا لم يمهله انصرف شاكيا منه يقول مال إلى خصمي ولم يستمع حجتي ولم يمكني من إثبات الدفع عنده .

التالي السابق


الخدمات العلمية