الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. وإذا شق رجل رواية رجل فهو ضامن لما شق منها ولما عطب بما سال منها لم يستوعبها صاحبها ; لأن المائع لا يستمسك إلا بوعاء فشق الرواية بمنزلة صب ما فيها .

( ألا ترى ) أن قطع حبل القنديل بمنزلة مباشرة الإلقاء والكسر في إيجاب الضمان ، ولو صب ما فيها كان متلفا ضامنا لها ولما عطب بما سال منها ; لأنه تسبب هو فيه متعديا بمنزلة حفر البئر وإلقاء الحجر في الطريق ، وكذلك إن كان شيئا يحمله رجل فشقه آخر فإن حمله صاحبه وهو ينظر إليه فهذا رضاء بما صنع استحسانا ; لأنه بعد العلم به لا يترك استئنافه إلا راضيا بصنعه والرضاء بدلالة العرف يثبت كسكوت البكر عند العلم بالعقد ومن باع مجهول الحال ، ثم قال له اذهب مع مولاك وهو ساكت والصغير والكبير في هذا سواء ; لأن وجوب هذا الضمان بمباشرة الإتلاف والصبي فيما يؤاخذ به من الأفعال كالبالغ .

وإذا شق رواية رجل فلم يسل ما فيها ، ثم مال الجانب الآخر فوقع وانخرق أيضا فهو ضامن لهما جميعا ; لأنه بمنزلة المباشر بصب ما في الرواية حين شقها وصب ما في إحدى الروايتين يكون إيقاعا للأخرى بطريق إزالة ما به كان الاستمساك وهو تسبب منه لإلقاء الأخرى وهو متعد [ ص: 59 ] في هذا السبب فيكون ضامنا إلا أن يكون صاحبه قد مضى وساق بعيره مع ذلك فيكون ذلك منه دليل الرضى بفعله فلا ضمان عليه فيما يحدث بعد ذلك كما لو أمره في الابتداء حين فعل ( قال ) أرأيت لو شق فيه ثقبا صغيرا فقال صاحبها بئسما صنعت ، ثم مضى وساقها فزلق رجل بما سال منه أكان يكون على الأول ضمان ذلك فلا شيء عليه من ذلك لوجود الرضا من صاحبها حين ساق بعيره ، ولأن فعل الأول قد انتسخ بما أخذ به الثاني من سوق البعير ونحوه وهذه المسألة ليست من مسألة الإجارات ولعل محمدا رحمه الله عند فراغه من هذا الكتاب ذكر هذه المسألة قياسا في هذا الموضع كي لا يفوت ، وقد جعل مثله في كتاب البحر حين ذكر بابا من الإجارات في آخر التجزؤ ، وقد بينا شرح ذلك ، ثم ذكر في نسخ أبي حفص رحمه الله زيادة مثله هنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية