الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
، ولو أن قاضيا استأجر رجلا ليضرب حدا قد لزمه ، أو ليقبض من رجل ، أو ليقطع يد رجل أو ليقوم عليه في مجلس القضاء شهرا بأجر معلوم فالإجارة جائزة وله الأجر ; لأن المعقود عليه منافعه في المدة حتى يستوجب الأجر بتسلم النفس وهو معلوم ، ثم يحكم أنه ملك منافعه ليستعمله في إقامة الحدود وغير [ ص: 40 ] ذلك ، وإن استأجره لإقامة الحدود ، أو القصاص خاصة لم يجز ذلك ; لأنه مجهول في نفسه ، وإن فعل شيئا من ذلك كان له أجر مثله ; لأنه استوفى منافعه بعقد فاسد فإن ( قيل ) إقامة الحد طاعة فكيف يستوجب الأجر على إقامته عند فساد العقد ( قلنا ) معنى الطاعة فيه غير مقصود ; ولهذا صح من الكافر والمسلم كبناء المسجد ونحوه ولو استصحبه على أن يجعل له رزقا كل شهر فهو جائز أما إن بين مقدار ما يعطيه فالعقد جائز ; لأن المعقود عليه منافعه وهو معلوم ، وإن لم يبين مقدار ذلك فهو في هذا كالقاضي وللقاضي أن يأخذ رزقا بقدر كفايته من بيت المال ، وكذلك من ينوب عن القاضي في شيء من عمله ، وكذلك قسام القاضي إذا استأجره ليقسم كل شهر بأجر مسمى فهو جائز ، وفي حديث علي رضي الله عنه فإنه كان له قاسم يقسم بالأجر ، ولأنه لم يتعين إقامة هذا العمل على أحد دينا فيجوز الاستئجار عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية