الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كانت الدار في يد ثلاثة رهط فادعى أحدهم الجميع والآخر النصف وادعى الثالث الثلثين ، وليست لهم بينة فلكل واحد منهم ما في يده ; لأن في يد كل واحد منهم ثلث الدار فدعوى كل واحد منهم ينصرف إلى ما في يده ، ولأن قوله مقدم فيه على قول الخارج ; لأنه مستحق لما في يده باعتبار ظاهر اليد ويحلف كل واحد منهما على دعوى الآخر ; لأن صاحب الجميع يدعي لنفسه جميع ما في يد صاحبيه وهما ينكران ذلك وصاحب الثلثين يدعي نصف ما في يد كل [ ص: 168 ] واحد من صاحبيه وهما ينكران ذلك فيحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبيه فإن حلفوا فلكل واحد منهم الثلث باعتبار يده ، وإن نكلوا عن اليمين في دعوى صاحب الجميع وحلف صاحب الجميع لهما فالدار كلها له ; لأن نكولهما كإقرارهما له بذلك ، أو كبدلهما له ما في أيديهما ، ولكن هذا إذا حلف صاحب الجميع لهما وحلف كل واحد منهما لصاحبه أيضا ، وإن نكلوا عن اليمين لصاحب الثلثين وحلفوا لصاحب الجميع والنصف كان لصاحب الثلثين الذي في يده ويأخذ نصف ما في يد كل واحد من صاحبه ; لأنه يدعي ثلثي الدار ونصف ذلك وهو الثلث في يده ونصفه في يد كل واحد منهما سدس الجميع ، وذلك نصف ما في يد كل واحد منهما ونكولهما بمنزلة الإقرار

وإن نكلوا عن اليمين لصاحب النصف وحلفوا لصاحب الثلثين وصاحب الجميع فصاحب النصف يأخذ ربع ما في يد كل واحد من صاحبيه ; لأنه يدعي نصف الدار فثلثا ذلك النصف في يده والثلث في يد صاحبيه ، وذلك السدس في يد كل واحد منهما نصف سدس الجميع وهو ربع الثلث الذي في يده فكل واحد منهما بالنكول صار مقرا له بذلك ، وإن نكل صاحب الجميع عن اليمين لصاحب النصف وحده وحلف بعضهم لبعض فصاحب النصف يأخذ مما في يد صاحب الجميع ربع ما في يده وهو نصف سدس جميع الدار ; لأنه بالنكول صار مقرا له بالقدر الذي ادعاه في يده نصف سدس جميع الدار ، وإن قامت لهم جميعا البينة فلصاحب النصف الثمن ولصاحب الثلثين الربع ولصاحب الجميع خمسة عشر وسهما من أربعة وعشرين سهما في قول أبي حنيفة رحمه الله ; لأن بينة كل واحد منهم لم تقبل فيما في يده وتقبل فيه بينة الآخر ، ثم القسمة عنده على طريق المنازعة في الثلث الذي في يد صاحب النصف تقبل فيه بينة صاحب الجميع وصاحب الثلثين ، ثم نصف ذلك الثلث يسلم لصاحب الجميع بلا منازعة والنصف الآخر بينهما نصفان للمنازعة فيحتاج إلى حساب ينقسم ثلاثة أرباع ، وذلك اثنا عشر فصارت سهام الدار على اثني عشر سهما ففي يد صاحب الجميع ثلث الدار وصاحب الثلثين يدعي نصف ذلك وصاحب النصف يدعي ربع ذلك فيقضي لكل واحد منهما بمقدار ما ادعى من ذلك ، وفي يد صاحب الثلثين أربعة صاحب الجميع يدعي جميع ذلك وصاحب النصف ربع ذلك وثلاثة أرباعه يسلم لصاحب الجميع والربع وهو سهم واحد استوت منازعتهما فيه فكان بينهما نصفان فانكسر بالإنصاف فأضعف السهام ; فلهذا صارت الدار سهام أربعة وعشرين في يد كل واحد منهم ثمانية ، ثم سلم لصاحب الجميع ما في يد صاحب النصف ستة ، وما في يد صاحب [ ص: 169 ] الثلثين سبعة وبقي له مما كان في يده سهمان فجملة ذلك خمسة عشر سهما وصاحب الثلثين أخذ من يد صاحب النصف سهمين ومن يد صاحب الجميع أربعة فذلك ستة وهو ربع جميع الدار وصاحب النصف أخذ من يد صاحب الجميع سهمين ومن يد صاحب الثلثين سهما فذلك ثلاثة وهو ثمن الدار

وقد بينا تخريج المسألة على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله في كتاب الدعوى في اعتبار القسمة على طريق العول فإن السهام عندهما ترتفع إلى مائة وثمانين فلم يعد هنا كراهة التطويل ، وكذلك إذا لم يكن بينة ونكلوا عن اليمين فهو وما لو أقام البينة في حكم الاستحقاق والتخريج سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية