الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أن غلام القصار انفلتت منه المدقة فيما يدق من الثياب فوقعت على ثوب من القصارة فخرقته فالضمان على القصار دون الغلام ; لأنه مأذون من جهة الأستاذ في دق الثوبين جميعا ، ولو وقع على ثوب إنسان من غير القصارة كان ضمان ذلك على الغلام دون القصار ; لأنه غير مأذون في دق ذلك الثوب فيكون هو جانيا في ذلك الثوب ، وإن كان مخطئا وتعذر الخطأ لا يسقط عنه ضمان المحل ، وإن وقعت المدقة على موضوعها ، ثم وقعت على شيء بعدها فلا ضمان على الأجير ; لأنها كما لو وقعت على المحل [ ص: 12 ] المأذون فيه صار العمل مسلما وخرج من عهدة الأجير فلا ضمان عليه بعد ذلك ، وإنما الضمان على الأستاذ ، وإن أصاب إنسانا فقتله كان الغلام ضامنا ، وقد بينا الفرق بين الجناية في بني آدم ، وما سوى ذلك من الأموال فيما سبق .

وكذلك لو مر بشيء من متاعه فيما يحمله فوقع على إنسان في البيت فقتله كان الضمان على الغلام ; لأن الجناية في بني آدم موجبة الأرش على العاقلة فلا يمكن اعتبار العقد فيه بخلاف ما سوى ذلك من الأموال ، وكذلك إن انكسر شيء من أدوات القصار بعمل الغلام مما يدق به أو يدق عليه فلا ضمان عليه ; لأنه مأذون من جهة الأستاذ ، وإن كان مما لا يدق به ولا يدق عليه فهو ضامن .

وعلى هذا لو دعا رجل قوما إلى منزله فمشوا على بساطه فتخرق ، أو جلسوا على وسادة فتخرقت ، وإن كان الضيف متقلدا سيفا فلما جلس شق السيف بساطا أو وسادة فلا ضمان عليه ; لأنه مأذون فيما فعل من المشي والجلوس وتقلد السيف ، ولو وطئ على آنية من أوانيه ، أو ثوبا لا يبسط مثله ولا يوطأ فهو ضامن ; لأنه غير مأذون في الوطء والجلوس على مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية