الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
دار بين رجلين فأقام كل واحد منهما البينة [ ص: 175 ] أن فلانا أقر له بها ووقتا فهي لصاحب الوقت الآخر ولا نسبة لهذا البيع يعني إذا أقام كل واحد منهما البينة أن فلانا باعها منه ووقتا فهي لصاحب الوقت الأول والفرق بينهما أن كل واحد منهما يدعي أن وصولها إليه من جهة فلان ففي مسألة الإقرار الذي أقام البينة على الوقت الآخر أثبت إقرار فلان بها له منذ شهر ، وذلك يمنع دعوى فلان الملك لنفسه فيها منذ سنة . فكذلك يمنع دعوى من يثبت الملك لنفسه ببينته منذ سنة بإقرار فلان له بها منذ سنة ، وذلك يمنع فلانا من أن يثبت الملك لنفسه فيها منذ شهر بإقرار فلان له بها ; فلهذا رجحنا صاحب الوقت الآخر ، وفي البيع ثبوت الشراء منذ شهر لا يمنع فلانا من دعوى الملك فيها لنفسه منذ سنة . فكذلك لا يمنع من يدعي تملكها من جهته من أن يثبت بيعها منه منذ سنة . وإذا وجب قبول بينته على ذلك ثبت شراؤه في وقت لا ينازعه الآخر فيه فإنما أثبت الآخر بعد ذلك الشراء من غير المالك وعلى هذا لو أقام البينة أنه باع هذه الدار من فلان منذ سنة وأقام الآخر البينة منذ سنتين فهي للذي أقام البينة على سنتين ; لأن كل واحد منهما مثبت الملك لنفسه بإقامته البينة على تمليكها من فلان بالبيع فيترجح أسبق التاريخين لانعدام منازعة الآخر معه في ذلك الوقت . وإذا لم يوقتا فهي لذي اليد لاتفاقهما على أنها مملوكة مسلمة إليه ، وإنما يدعي كل واحد منهما الثمن في ذمته لنفسه ، وقد أثبته بالبينة ، وفي الذمة سعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية