الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا اختلف شاهدا الرهن في جنس الدين ، أو مقداره فالشهادة لا تقبل لإكذاب المدعي أحد الشاهدين ، ولأن الدين مع الرهن يتحاذيان محاذاة الثمن للمبيع ، ثم اختلاف الشاهدين في الثمن يمنع قبول شهادتهما على البيع . فكذلك في الرهن فإن اتفقا على ذلك واختلفا في الأيام والبلدان وهما يشهدان على معاينة القبض فالشهادة جائزة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله استحسانا ، وفي القياس لا تقبل وهو قول محمد وزفر رحمهما الله وعلى الخلاف الهبة والصدقة ، وإن شهدوا على إقرار الرهن والوهب والمتصدق بالقبض جازت الشهادة بالاتفاق وجه القياس أن تمام هذه العقود بالقبض والقبض فعل واختلاف الشاهدين في الوقت والزمان في الأفعال يمنع قبول الشهادة كالغصب والقتل ، وهذا ; لأن المشهود به مختلف فالفعل الموجود في مكان غير الموجود في مكان آخر بخلاف ما إذا شهدوا على الإقرار فالإقرار كلام مكرر يوضحه أنه لو شهد أحدهما بمعاينة القبض والآخر بإقرار الراهن به لم تقبل الشهادة وجعل الرهن في هذا كالغصب ولم يجعل كالبيع . فكذلك إذا اختلفا في المكان والزمان وللاستحسان وجهان أشار إلى أحد الوجهين هنا ( فقال ) ; لأن القبض قد يكون غير مرة وأشار إلى الوجه الآخر في كتاب الرهن ( فقال ) ; لأنه لا يكون رهنا ولا قبضا إلا بإقرار الراهن ومعنى ما ذكر هنا أن القبض بحكم الرهن فعل صورة ، ولكنه بمنزلة القول حكما ; لأنه يعاد ويكرر ، ويكون الثاني هو الأول .

( ألا ترى ) أن المرتهن إذا قبض الرهن ، ثم استرده الراهن منه غصبا ، أو أعاره المرتهن إياه ، ثم قبضه منه ثانية فهذا يكون هو القبض الأول حتى يكون مضمونا باعتبار قيمته عند القبض الأول فعرفنا أنه مما يعاد ويكرر فلا يختلف المشهود به باختلاف الشاهدين في وقته بخلاف الغصب والقتل ولما أخذ شبها من أصلين توفر حظه عليهما ( فنقول ) لشبهه بالأفعال صورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية