الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن سرق مال بيت المال ) وهو مسلم ( إن أفرز لطائفة ليس هو منهم قطع ) إذ لا شبهة وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين علمه بأنه أفرز لهم وأن لا والذي يتجه أنه متى لم يعلم الإفراز وكان له فيه حق لا يقطع لأن له فيه حينئذ شبهة باعتبار ظنه ( وإلا ) يفرز ( فالأصح أنه إن كان له حق في المسروق كمال مصالح ) ولو غنيا ( وكصدقة ) أي زكاة أفرزت ( وهو فقير ) أي مستحق لها بوصف فقر أو غيره وآثر الأول لغلبته على مستحقها ( فلا ) يقطع للشبهة وإن لم يجر فيها ظفر كما يأتي ( وإلا ) يكن له فيه حق كغني أخذ مال صدقة وليس غارما لإصلاح ذات البين ولا غازيا ( قطع ) لانتفاء الشبهة بخلاف أخذه مال المصالح لأنها قد تصرف لما ينتفع به كعمارة المساجد ومن ثم يقطع الذمي بمال بيت المال مطلقا لأنه لا ينتفع به إلا تبعا لنا والإنفاق عليه منه عند الحاجة مضمون عليه ، وما وقع في اللقيط من عدم ضمانه حمل على صغير لا مال له واعترض هذا التفصيل بأن المعتمد الذي دل عليه كلام الشيخين في غير هذا الكتاب وكلام غيرهما أنه لا قطع بسرقة مسلم مال بيت المال مطلقا لأن له فيه حقا في الجملة إلا إن أفرز لمن ليس هو منهم ويمكن حمل المتن عليه بجعل قوله إن كان له حق في المسلم وقوله وإلا في الذمي وقوله وهو فقير [ ص: 132 ] للغالب فلا مفهوم له وقول شارح أن الذمي يقطع بلا خلاف يرده حكاية غيره للخلاف فيه ولو في بعض أحواله وحينئذ فيفيد المتن أن المسلم مع عدم الإفراز لا يقطع مطلقا ، وإيهامه تخصيص ذلك ببعض أموال بيت المال غير مراد كما أن إيهامه أن مال الصدقة بسائر أنواعها من أموال بيت المال غير مراد أيضا وإن لم ينبه عليه أحد من الشراح فيما علمت ، وقد تؤول عبارته بجعله من باب ذكر النظير وإن لم يصدق عليه المقسم فيرتفع هذا الإيهام من أصله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن إن أفرز ) الأولى فإن إلخ بالفاء ( قول المتن لطائفة ) أي كذوي القربى والمساكين ا هـ مغني ( قوله ولو غنيا ) إلى قوله وما وقع في المغني إلا قوله بوصف فقر إلى المتن وقوله وإن لم يجز إلى المتن وإلى قوله واعترض في النهاية ( قوله أفرزت ) أي : عن غيرها فلا يخالف موضوع المسألة وقال الرشيدي قوله أفرزت انظر ما الداعي له وكأنه لبيان الواقع ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن وهو فقير ) أي أو غارم لذات البين أو غاز ا هـ مغني ( قوله الأول ) أي : الفقير ( قوله فلا يقطع ) أي : وإن أخذ زيادة على ما يستحقه أخذا مما تقدم عن الروض وشرحه ا هـ ع ش ( قوله للشبهة ) عبارة المغني فلا يقطع في المسألتين أما في الأولى فلأن له حقا وإن كان غنيا كما مر ؛ لأن ذلك قد يصرف في عمارة المساجد إلخ ، وأما في الثانية فلاستحقاقه بخلاف الغني فإنه يقطع لعدم استحقاقه إلا إذا كان غازيا أو غارما لذات البين فلا يقطع ا هـ ( قوله وإن لم يجر فيها ظفر ) أي وإن لم يوجد فيها ما يحرز الأخذ بالظفر ا هـ ع ش ( قوله وليس إلخ ) أي والحال ليس ذلك الغني .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف أخذه ) أي الغني .

                                                                                                                              ( تنبيه ) من لا يقطع بسرقة مال بيت المال لا يقطع أصله أو فرعه أو رقيقه بسرقته منه وخرج بمال بيت المال ما لو سرق مستحق الزكاة من مال وجبت عليه فإنه إن كان المسروق من غير جنس ما وجب قطع وإن كان منه وكان متعينا للصرف وقلنا بالأصح أنها تتعلق تعلق الشركة فلا قطع كالمال المشترك قاله البغوي وصاحب الكافي ا هـ مغني ( قوله ؛ لأنها إلخ ) الأولى التذكير ( قوله كعمارة المساجد ) أي والقناطر والرباطات فينتفع بها الغني والفقير من المسلمين ؛ لأن ذلك مخصوص بهم ا هـ مغني ( قوله مطلقا ) أي : غنيا كان أو فقيرا من مال المصالح كان أو من غيره ( قوله ؛ لأنه لا ينتفع به إلا تبعا إلخ ) عبارة المغني وانتفاعه بالقناطر والرباطات بالتبعية من حيث إنه قاطن بدار الإسلام لا لاختصاصه بحق فيها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله هذا التفصيل ) أي : قول المصنف وإلا فالأصح إلخ ( قوله أنه لا قطع بسرقة مسلم إلخ ) ظاهره وإن زاد على ما يستحقه بقدر ربع دينار كما في المال المشترك سم ا هـ بجيرمي ( قوله مطلقا ) أي : غنيا كان أو فقيرا حيث أخذ من سهم المصالح بخلاف [ ص: 132 ] ما لو أخذ من مال الزكاة على ما مر ا هـ ع ش وفي المغني وشرحي الروض والمنهج ما يوافقه ( قوله للغالب إلخ ) لو أراد أن المقصود به مطلق المستحق فهو مكرر مع ما مر منه أو مطلق المسلم وهو ظاهر سياقه بل صريحه فهو مخالف لما مر عن المغني وشيخ الإسلام و ع ش ( قوله يقطع بلا خلاف ) أي : فلا يصح جعل وإلا في الذمي لذكر المصنف الخلاف فيه ( قوله ولو في بعض أحواله ) لعله حال حاجته إلى النفقة ( قوله وحينئذ ) أي : حين حمل المتن على ما ذكر ( قوله فيفيد المتن ) إلى المتن في النهاية إلا قوله كما أن إلى وقد تؤول ( قوله مطلقا ) تذكر ما مر فيه عن ع ش وغيره ( قوله ببعض أموال بيت المال ) أي بمال المصالح ( قوله وإن لم يصدق عليه ) أي : مال الصدقة بجميع أنواعها ( قوله المقسم ) أي : مال بيت المال . .




                                                                                                                              الخدمات العلمية