الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن أذن أبواه ) أو سيده ( والغريم ) في الجهاد ( ثم ) بعد خروجه ( رجعوا ) ، أو كان الأصل كافرا ثم أسلم وصرح بالمنع ، ( وجب ) عليه إن علم ولم يخش خوفا ولا انكسار قلوب المسلمين برجوعه ولم يكن خرج بجعل ( الرجوع ) كما لو خرج بلا إذن ( إن لم يحضر الصف ) وإلا حرم إلا على العبد ، بل يستحب ؛ وذلك لأن طرو المانع كابتدائه ، فإن لم يمكنه الرجوع لنحو خوف على معصوم وأمكنه أن يسافر لمأمن أو يقيم به حتى يرجع مع الجيش أو غيرهم لزمه ، ولو حدث عليه دين في السفر لم يمنع استمراره فيه إلا إن صرح الدائن بمنعه ، وفارق ما مر في الابتداء بأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفره فيه ، ومنه يؤخذ أن حلول المؤجل في الإلغاء كذلك ، فلا يحرم عليه استمرار السفر إلا إن صرح له بالمنع ، فإن قلت : قضية قولهم لا منع لذي المؤجل المستغرق أجله السفر وغيره ؛ لأنه مضيع لماله [ ص: 235 ] أن له السفر ، وإن صرح له بالمنع ، ويؤيده أيضا قولهم : لو تأجل نحو المهر لم يحبس لقبضه وإن حل ؛ لأنها رضيت بذمته قلت : أما كلامهم الأول فإنما هو في المنع ابتداء ، وأما الثاني فيفرق بينه وبين ما هنا بأن مقتضى التأجيل ثم الرضا بتسلمه البضع قبل إقباضه مقابله فعومل به ، وأما هنا فليس قضية التأجيل منع المطالبة وطلب الحبس بعد الحلول فمكناه من ذلك ، وبهذا يعلم أن الذي دل عليه كلامهم إما الامتناع بالمنع أو عدمه وإما جزم بعضهم بأنه بمجرد الحلول تلزمه الإقامة ، ويحرم عليه استمرار السفر بلا إذن كابتداء السفر مع الحلول فبعيد ، بل ليس في محله . ( فإن ) التقى الصفان أو ( شرع في القتال ) ثم طرأ ذلك وعلمه ( حرم الانصراف في الأظهر ) ؛ لعموم الأمر بالثبات ولانكسار القلوب بانصرافه ، نعم يكون وقوفه آخر الصف ليحرس وينبغي حمله على ما مر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله إلا على العبد ) انظر لو لزم [ ص: 235 ] من رجوعه نحو الهزيمة وانكسار القلوب .

                                                                                                                              ( قوله : قلت أما كلامهم الأول فإنما هو في المنع ابتداء ) أي : فلو حل غير المستغرق كان له المنع كما تقدم في رأس الصفحة في قوله : نعم له الخروج إلخ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أو سيده ) إلى قوله ومنه يؤخذ في النهاية ( قوله : في الجهاد ) إلى قوله ولو حدث في المغني ( قوله : وصرح ) أي : الأصل بعد إسلامه .

                                                                                                                              ( قوله برجوعه ) راجع للخوف أيضا ( قوله : وإلا حرم ) يغني عنه قول المصنف الآتي فإن شرع إلخ فكان الأولى تركه وذكر قوله إلا على العبد بل يستحب هناك كما فعله المغني ( قوله : إلا على العبد ) انظر لو لزم من رجوعه نحو الهزيمة أو انكسار القلب ا هـ سم عبارة المغني .

                                                                                                                              فروع لو خرج بلا إذن وشرع في القتال حرم الانصراف أيضا لما مر ورجوع العبد إن خرج بلا إذن قبل الشروع في القتال واجب وبعده مندوب ، وإنما لم يجب عليه الثبات بعده لأنه ليس من أهل الجهاد ولو مرض من خرج للجهاد أو عرج عرجا بينا أو تلف زاده أو دابته فله الانصراف ولو من الوقعة إن لم يورث فشلا في المسلمين وإلا حرم عليه انصرافه منها ولا ينوي المنصرف من الوقعة لمرض ونحوه فرارا فإن انصرف ثم زال العذر قبل مفارقة دار الحرب لا بعده لزمه الرجوع للجهاد ، ومن شرع في صلاة جنازة لزمه الإتمام بخلاف من شرع في تعلم علم لا يلزمه إتمامه وإن آنس من نفسه الرشد فيه ؛ لأن الشروع لا يغير حكم المشروع فيه غالبا ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : بل يستحب ) ظاهره وإن حصل بانصرافه كسر قلوب المسلمين هذا ولو قيل بوجوب الانصراف على العبد حيث رجع سيده لم يبعد ا هـ ع ش ( قوله : لزمه ) ، وإن لم يمكنه الإقامة ولا الرجوع فله المضي مع الجيش لكن يتوقى مظان القتل كما نص عليه في الأم ا هـ مغني ( قوله إلا إن صرح الدائن بمنعه ) أي : والحال أنه موسر كما هو معلوم ا هـ ع ش ( قوله : ما مر في الابتداء ) أي : في الدين الحال ( قوله : ومنه يؤخذ ) أي : من قوله وفارق إلخ ( قوله : المستغرق ) بكسر الراء وقوله أجله فاعله وقوله السفر مفعوله قوله وغيره بالجر عطف على المستغرق والضمير له ( قوله : ؛ لأنه ) [ ص: 235 ] أي : صاحب الدين المؤجل ( قوله : أن له إلخ ) خبر قضية إلخ والضمير للمدين ( قوله : قلت أما كلامهم الأول فإنما هو في المنع ابتداء ) أي : فلو حل غير المستغرق كان له المنع كما تقدم في شرح ، والمؤجل لا بقوله نعم له الخروج إلخ ا هـ سم ( قوله : وأما الثاني ) أي : قولهم لو تأجل إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : بتسلمه ) أي : الزوج ( قوله : فمكناه ) أي : الدائن ( قوله : من ذلك ) أي : طلب الحبس ( قوله : أما الامتناع بالمنع ) وهو الذي دل عليه القياس على الدين الحادث في السفر وعلى هذا يحمل قولهم لا منع لذي المؤجل على الابتداء كما أشار إليه ( وقوله أو عدمه ) أي : عدم الامتناع مطلقا وإن منعه وعلى هذا يحمل قولهم لا منع لذي المؤجل إلخ على إطلاقه فيشمل الحلول ا هـ سيد عمر ( قوله : بمجرد الحلول ) أي : وإن لم يصرح الدائن بالمنع ( قوله : التقى الصفان ) إلى قوله كما أفهمه في النهاية والمغني إلا قوله وينبغي حمله على ما مر .

                                                                                                                              ( قوله : ثم طرأ ذلك ) أي : رجوع من ذكر وإسلام الأصل وتصريحه بالمنع وعلمه أي : علم من حضر الصف ذلك ( قوله : على ما مر ) أي : في شرح إلا بإذن غريمه من أنه مندوب لا واجب




                                                                                                                              الخدمات العلمية