الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو سرق دنانير ظنها فلوسا ) مثلا ( لا تساوي ربعا قطع ) لوجود سرقة الربع مع قصد أصل السرقة ولا عبرة بالظن ومن ثم لو سرق فلوسا لا تساوي ربعا لم يقطع وإن ظنها دنانير وكذا ما ظنه له لأنه لم يقصد أصل السرقة ( وكذا ثوب رث ) بالمثلثة ( في جيبه تمام ربع جهله في الأصح ) لما مر وكونه هنا جهل جنس المسروق لا يؤثر لما تقرر أنه قصد أصل السرقة فلم يفترق الحال بين الجهل بالجنس هنا وبالصفة ( ولو أخرج نصابا من حرز مرتين ) بأن تممه في المرة الثانية ( فإن تخلل ) بينهما ( علم المالك ) بذلك ( وإعادة الحرز ) بنحو إصلاح نقب وغلق باب من المالك أو نائبه دون غيرهما كما اقتضته عبارة الروضة

                                                                                                                              [ ص: 127 ] وإن لم يكن كالأول حيث وجد الإحراز كما هو ظاهر ( فالإخراج الثاني سرقة أخرى ) لاستقلال كل حينئذ فلا قطع به كالأول ( وإلا ) يتخلل علم المالك ولا إعادته الحرز أو تخلل أحدهما فقط خلافا للبلقيني ومن تبعه في هذه ( قطع في الأصح ) اشتهر هتك الحرز أم لا لبقاء الحرز بالنسبة إليه لهتكه له ، فانبنى فعله على فعله ويوجه ذكر هذه هنا بأن فيها بيانا لأن النصاب الذي الكلام فيه تارة يكون إخراجه على مرتين أو أكثر كإخراجه مرة وتارة لا ، فاندفع اعتراض الرافعي الوجيز في ذكرها هنا مع اتباعه له في المحرر بأنه لا تعلق لها بالنصاب وسيأتي لهذه ما يشابهها مع الفرق بينهما .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لا تساوي ) صفة فلوسا .

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 127 ] لبقاء الحرز بالنسبة إليه ) كتب عليه شيخنا الشهاب البرلسي بهامش شرح المنهج ما نصه قوله إبقاء للحرز بالنسبة إليه هذا ليس له معنى فيما إذا تخللت الإعادة دون العلم لأنه حرز بالنسبة له ولغيره وأيضا فكيف يقطع والفرض أن المخرج ثانيا دون نصاب ففي كلامه مؤاخذة من وجهين بل من ثالث أيضا وذلك لأن إطلاقه يوهم تصور إعادة المالك من غير علم وهو محال ا هـ والمؤاخذات الثلاث واردة على الشارح كما لا يخفى نعم يمكن منع محالية الثالث لجواز أن يشتبه حرز المالك بحرز غيره فيصلحه على ظن أنه لغيره من غير أن يعلم السرقة ، ودفع قوله وأيضا إلخ بأن القطع إنما هو بمجموع المخرج ثانيا والمخرج أولا لأنهما سرقة واحدة ويمكن دفع الأول أيضا فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله مثلا ) إلى قوله ويوجه في النهاية ( قول المتن لا تساوي ) صفة فلوسا ا هـ سم ( قوله مع قصد أصل السرقة ) يؤخذ منه أنه لو تعلق بثيابه ربع دينار من غير شعور له به ولا قصد عدم قطعه بذلك وهو ظاهر ويصدق في ذلك ا هـ ع ش ( قوله ولا عبرة بالظن ) أي : البين خطؤه ( قوله ؛ لأنه لم يقصد أصل السرقة ) ويصدق في ذلك ا هـ ع ش ( قول المتن ثوب رث ) أي : قيمته دون ربع ا هـ مغني ( قوله بالمثلثة ) أي فيهما ا هـ مغني ( قوله لما مر ) أي : آنفا ( قوله وكونه إلخ ) رد لدليل المقابل ( قوله وبالصفة ) أي : في مسألة الفلوس ( قول المتن مرتين ) أي : مثلا كل منهما دون نصاب ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله بأن تممه إلخ ) أي : بأن أخرج مرة بعض النصاب ومرة ثانية باقيه ( قول المتن وإعادة الحرز ) هذا ظاهر إن حصل من السارق هتك للحرز أما لو لم يحصل منه ذلك كأن تسور الجدار وتدلى إلى الدار فسرق من غير كسر باب ولا نقب جدار فيحتمل الاكتفاء بعلم المالك إذ لا هتك للحرز حتى يصلحه ا هـ ع ش ( قوله أو نائبه ) أي : بأن يعلم به ويستنيب في إصلاحه ا هـ ع ش ( قوله دون غيرهما إلخ ) عبارة سم على منهج بعد مثل ما ذكر نقلا عن م ر ما نصه [ ص: 127 ] ثم قال م ر إن إعادة غيرهما كإعادتهما كما أفادته عبارة المنهاج بإطلاقها ا هـ ع ش ( قوله وإن لم يكن ) أي الحرز المعاد

                                                                                                                              ( قوله وإلا يتخلل علم المالك ولا إعادته ) أي : بأن انتفيا معا ( قوله ولا إعادته إلخ ) بهاء الضمير العائدة على المالك يخالف عبارة المنهاج إذ هي تقضي أن الحرز لو أعيد ولو من غير المالك كان سرقة أخرى ا هـ كردي ( قوله أو تخلل أحدهما فقط ) صادق بإعادة الحرز مع عدم علم المالك بالسرقة ، ويصور بما إذا أعاده المالك ظانا أنه جدار غيره أو أنه جداره ولم يعلم بأنه سرق منه بأن ظن أن السارق لم يأخذ منه شيئا ويصور أيضا بما إذا وجد الباب غير مغلق فظن أنه فتحه بعض أهله فأغلقه فقد أعاد الحرز بإغلاقه

                                                                                                                              وصوره ع ش بما إذا أعاد نائبه في أموره العامة مع عدم علم المالك ا هـ واستشكل ما إذا أعيد الحرز بدون العلم بالسرقة بأنه صار حرزا للسارق ولغيره فمقتضاه أن لا يضم الأول للثاني في إكمال النصاب بل يكون الثاني سرقة مستقلة إن بلغ نصابا قطع وإلا فلا ، وأجاب سم بأنه لما أعيد الحرز مع عدم علم المالك بالسرقة كان كعدم إعادته فبنينا الثانية على الأولى ا هـ بجيرمي ( قوله خلافا للبلقيني إلخ ) عبارة النهاية والمغني لكن اعتمد البلقيني فيما إذا تخلل أحدهما فقط عدم القطع ورأى الإمام والغزالي في الصورة الثانية القطع بعدم القطع ا هـ قال ع ش والرشيدي قوله في الصورة الثانية هي ما لو تخلل علم المالك ولو بعده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لبقاء الحرز بالنسبة إليه ) أي الآخذ وهذا ليس له معنى فيما إذا تخللت الإعادة دون العلم ؛ لأنه حرز بالنسبة له ولغيره ، وأيضا فكيف يقطع والفرض أن المخرج ثانيا دون نصاب ويمكن دفع هذا بأن القطع بمجموع المخرج ثانيا والمخرج أولا ؛ لأنهما سرقة واحدة ويمكن دفع الأول أيضا فليتأمل سم أي : بأنه لما أعاده من غير علم جعل فعله بالنسبة للسارق لغوا تغليظا عليه ا هـ ع ش ( قوله ذكر هذه ) أي : مسألة الإخراج مرتين ( قوله بأنه لا تعلق لها بالنصاب ) أي فإن النظر فيها إلى كيفية الإخراج فإيرادها في غير هذا الموضع أليق ا هـ مغني ( قوله وسيأتي ) أي : في أوائل الفصل الآتي في قول المصنف ولو نقب وعاد في ليلة أخرى إلخ وقوله مع الفرق أي : من الشارح . .




                                                                                                                              الخدمات العلمية